Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناMonday 20/05/2013 Issue 14844 14844 الأثنين 10 رجب 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

حين نعود عشرين عاماً إلى الوراء ونتجول في أركان العاصمة الرياض وغيرها من المدن السعودية سنجد أن المرأة كانت جسداً لا يتحرك في مجتمعه إلا بوجود جسد آخر بجانبه يدعى رجل, كانت مخلوقاً مسلوباً (بعلم أو بجهل) كثيراً من حقوقه الأساسية دون أن يشتكي أو يتظلم, تحت ذريعة أنها تلك الدرة المكنونة والجوهرة المصونة وغيرها من الشعارات التي لقنوها إياها كلمة كلمة، وحرفا حرفا، حتى صدقتها وأصبحت من تخرج عنها خارجة عن قفص الطاعة وعُرف المجتمع.. لكن تلك الظروف لم تدم طويلا ً في ظل التغيرات الديموغرافية والاقتصادية والاجتماعية التي عصفت بالمجتمع, فاستعادت المرأة السعودية تباعاً كثيراً من حقوقها وأصبحت حاضرة في الجامعة والمستشفى والوزارة والسفارة والبنوك وكثيراً من الدوائر الحكومية ومؤخراً في محلات البيع وفي مجلس الشورى.

قبل أيام دار نقاش في هاش تاق بعنوان: هل نحتاج إلى وزيرة؟ بظني أن الزميل الكاتب سعد الدوسري أطلقه عبر موقع تويتر, تساءل فيه: هل نحتاج إلى وزيرة؟ لا أدري حقيقة ما هو سبب بزوغ مثل هذا السؤال, لكن الردود جاءت متنوعة ما بين الرافض بشكل قاطع بلا سبب مقنع سوى أن المرأة مكانها بيتها, أو كالذي رفضه معتبراًً إياه جزءاً من مؤامرة وتغريب المرأة المسلمة, أما البعض ومن النساء تحديداً فقد اعتبر أن الموضوع يعتمد في المقام الأول على الجدارة ولا علاقة له بالجنس, أما البعض الآخر فتناول الموضوع بسخرية وطرافة قائلا ً: والله خوفي انها تصك الموظفين بإجازة كل ما جاهم عرس ولاّ عزيمة!

هكذا، هو المجتمع السعودي مع بزوغ أي تساؤل جديد عن المرأة نجد أن الرجال هم أغلب المتكلمين الغاضبين ما بين مؤيد ومعارض ومرحب ومستنكر, ومفردات مثل التغريب والمؤامرة ستظهر تلقائياً على السطح لغرض التخويف والترهيب واستعباد العقول.

يقال: إذا أردت ان تحكم على تطور أي أمة بشرية فانظر إلى مكانة المرأة فيها, ففي المجتمعات المتقدمة مثلا تم تجاوز التمييز الجنسي بين الذكر والأنثى وتم استبداله بمفهوم إنساني أسمى وأعدل وهو الجدارة الإنسانية, حيث لا تقل المرأة المتفوقة في عملها عن تميز الرجل, لأن موضع النقاش هو مستوى الأداء والإنجاز والجودة, فإذا تفوقت النساء تبوأن مراكز أرفع في مختلف المجالات الإنسانية والعكس صحيح أيضا.. أما في السعودية فيبدو أننا لازلنا عالقين في مأزق حضاري ومفترق إنساني مفصلي, فإما أن نتجاوز ضيق أفقنا ونستشرف أفقاً أرحب حيث النساء شقائق للرجال، والإنجاز الإنساني محتفى به من ذكر خرج أو أنثى! أو نسبح في فلك مظلم وعنصري بغيض ونستنزف سنوات مظلمة من عمر الوطن.

بيننا نساء مخلصات خدمن الدولة لعشرات السنين، وبالتالي: فلماذا لا تكون إحداهن بمرتبة وزير نظير ما قدمن من وقت وجهد وتشريفاً لسيرتهن المزهرة ومؤهلاتهن العلمية الرفيعة وخبراتهن العملية التي لا تقل عن الرجل إن لم تزد, فمنصب الوزيرة حق لأي امرأة كما هو لأي رجل في سلم التتابع الوظيفي, فلمَ تتوقف النساء عند ما هو دون ذلك اذا كانت تستحق ذلك المنصب؟ ألم يُعين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- شفاء بنت عبدلله رئيسة لحسبة سوق المدينة, ألم يعجب بفكرها وفطنتها وتراجع عن رأيه حين ناقشته قائلا: أصابت امرأة وأخطأ عمر؟

لا يقلقني كثيرا موضوع تبوؤ المرأة لكرسي الوزارة لأنه أمر قادم بدعم واهتمام الملك عبدالله بن عبدالعزيز, لكن ما يقلقني هو نظرة المجتمع التي لازالت تشكك في ذلك الحق وترفضه وتحارب من يطالب به.. هؤلاء لا يتأملون كيف أن الله فرض على المرأة من الواجبات كما فرض على الرجل من صلاة وزكاة وصوم وحج؟ بل وسن ذات الثواب والعقاب على كليهما ولم يقل إن أحدهما أفضل من الآخر؟ وأفضل عقلا ودينا.. هؤلاء يثيرون تعجبي دوما لأنهم لا يتعلمون.. ولا يقرأون التاريخ ولا الحاضر.. ولا حتى المستقبل فيخرجون بعد كل معركة انتزاع حق خاسرين, وباحثين عن حق آخر لينكروه ويتربصوا برفضه.

Twitter:@lubnaalkhamis

ربيع الكلمة
هل نحتاج وزيرة سعودية؟
لبنى الخميس

لبنى الخميس

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة