هاتفني قبل أيام رفيقُ الحرف الجميل الأستاذ/ حمد القاضي ، يزفُّ لي البشرى عن عزم جامعة اليمامة بالرياض إنشاءَ كرسي دراسات ثقافية وأدبية يحمل اسم فقيد الوطن والثقافة والحرف، معالي الدكتور/ غازي بن عبدالرحمن القصيبي، طيب الله ثراه.
) وقد أثنيت لحظتئذ على هذه المبادرة ، فعلاً وفاعلاً وساعياً وداعياً فـي سبيلها ومُعيناً ، من داخل الجامعة وخارجها ، تكريماً لذلك الرجل الفذ الذي يلاحقه استثناءُ التميّز حاضراً وراحلاً.
) كنت أتمنى بحب وصدق أن تسبقَ مبادرةَ جامعةَ اليمامة مبادرةٌ مماثلة من (أم الجامعات) فـي المملكة (جامعة الملك سعود) التي شهدت الميلادَ الأكاديمي لغازي القصيبي ، ومنها وفيها غرّد تغريداً مبدعاً بلغ عنان الآفاق الأكاديمية داخل تلك الجامعة وخارجها، وبين جدرانها صال وجال أستاذاً بادئَ الأمر ثم عميداً لإحدى كلياتها التي احتضنت إبداعَه و(شغبَه) الفكري والتربويَّ الجميل.
) ثم انطلق منها فـي أوائل التسعينيات الهجرية ليرأسَ المؤسسة العامة لسكة الحديد فـي المنطقة الشرقية ، ويعود بعد ذلك فـي عام 1395هـ وزيراً للصناعة والكهرباء ، وفـي عهده تحول الإنجاز في هذا القطاع المهم إلى ملحمة وطنية ذائعة الصيت ، تفيضُ بالبذل والعطاء ولتشرقَ من خلاله ساحرةُ كل الفصول (الكهرباء) فـي كل مدينة وقرية عبر ربوع هذا الوطن الغالي، وساندته الدولة - رعاها الله - في تحقيق حلمه العريض لنقْلِ هاجس الكهرباء من خانة الأماني والوعود إلى حقيقةٍ يدركها كل ذي بصر وبصيرة.
) أعود إلى (كرسي جامعة اليمامة) المخصص لذكرى ومآثر ذلك الرجل النبيل، لأسجلَ شهادة تقدير وإعجاب وعرفان لجامعة اليمامة، عبر مبادرتها الوطنية الرائعة، متمنياً أن يكون هذا الكرسي (مدرسة) بحثية في أدب غازي، شعراً ونثراً وفكراً وسيرةً وإدارةً وإنجازاً، ولتكون ذكراه جزءاً لا يتجزأ من وجدان هذا الوطن، وتكون هذه (المدرسة) سراجاً وهاجاً ينير دروب الخير التي سار فيها معاليه عبر فترة تقترب من النصف قرن، خدم خلالها هذا الوطنَ وأهلَه بأدبه وثقافته وإدارته المتدفقة حباً وحزماً وحماساً، وكان في تخصّصه وممارسته العلمية عَلَماً من الأَعلام في (الفقه السياسي) والعلاقات الدولية.
) أتمنّى أن يستفيد الجيل القائم والقادم بإذن الله من عطاء هذا الكرسي وإنجازاته، وألاّ يكون مركزاً للمعلومات فحسب، ينتج كتباً وأبحاثاً لا يقرؤها إلا النادر من الناس، بل أن يكون مركز أشعاع مبدع يغرد بروح الفقيد وسيرته، ويضج بالفكر والمعرفة المتجدَّدة، كي يصلَ نفعُها إلى كل عقل ووجدان.
وبعد ..،
) فرحم الله غازي القصيبي ، غادر دنيانا الفانية وخلّف لنا تركة ثقيلة من الفكر ، شعراً وروايةً وبحثاً ومقالةً، وقبل ذلك وبعده حقق لبلاده إنجازاً تنموياً وإدارياً رائعاً، وآخر ما أتمناه في هذا السبيل أن تعزّز جامعة اليمامة مبادرتها الثمينة بإنشاء مكتبة تكون توأماً لكرسي الفقيد الكبير، تضم كل ما تركه لجيله والأجيال القادمة من فنون الفكر والأدب الوجداني الجميل.