في الوقت الذي يسعدنا نزول المطر، وتطربنا سيمفونية هطوله؛ تؤلمنا تلك التصرفات المتهورة من لدن بعض الناس ممن يخرجون للتنزه في بطون الأودية ويعّرضون أنفسهم للخطر والموت غرقا.. ولست أعلم سببا لتعريض النفس للتهلكة وقت هطول المطر مهما كانت الاحترازات والاحتياطات..

حتى إن المرء العاقل يحجم عن الخروج من منزله لقضاء متطلباته الضرورية ويؤجلها حتى لوكانت داخل المدينة! والحق أنني سمعت وقرأت تحذيرات الدفاع المدني حول توجيه الناس لعدم الخروج من المنازل إلا بأشد الظروف كمراجعة المستشفى أو أداء العمل! وتم تعليق الدراسة ليومين وأكثر في بعض المناطق مما يشير لخطورة الوضع!! أما أن تقع وفيات بسبب الأمطار وبلفظ أدق بسبب النزول لبطون الأودية والتعرض للسيول فهو أمر مؤسف جدا!! والمزعج هو تحميل الدفاع المدني مغبة هذا التهور وهذا التصرف الأرعن!! ومن الظلم إظهار تواني رجال الدفاع المدني عن إنقاذ الناس العالقين في الأودية وممن لجأوا إلى غصن شجرة أو تمسكوا بطرف صخرة مستنجدين بالمارة! ويأتي من يصور نفسه وهو يركب سيارته الفخمة (ذات الدبل) وهو يتحدى المطر!! ومن هو الراشد الذي يتحدى السيول التي أشبه ما تكون بالفيضانات العارمة في الصحارى والأودية؟! إن ما يمر بنا من طوارئ مناخية تتطلب التوجيه والإرشاد والتوعية الدائمة، وإن لم يُجدِ؛ فيلزم حظر خروج الناس ومنع تهورهم،بل وحظره بالقانون والغرامات ولاسيما في أوقات الأمطار وما شابهها من غباروصعوبة الرؤية أو انعدامها طالما لم يصل المجتمع لمرحلة من الوعي والإدراك بعدم تعريض النفس والأسرة للخطر!! ما يثير الدهشة هو استغلال بعض الأفراد - والشباب على وجه الخصوص - للعطل العارضة وتعليق الدراسة المعتاد في مثل هذه الظروف والخروج للبراري بدعوى التمتع بالأجواء الساحرة، وقد يعودون جثثا أو يتحولون لمفقودين يستنفر ذووهم الدفاع المدني والمروحيات لانتشالهم غرقى من السدود والوديان والشعبان، ليفتح بعدها مجلس للعزاء وتنقلب المتعة إلى وجع مأسوي وذكرى مؤلمة لأهلهم وأسرهم لا تنسى أبدا، وتتجدد موسميا عند سقوط حبات المطر في أي وقت وبأي مكان!! فِلمَ تتحول النعمة إلى نقمة بفعل تصرف أرعن، وتهور وطيش؟!