تعني الدولة في مفهومها الحديث مجموعة الأفراد الذين يعيشون في إقليم جغرافي محدَّد، يمارسون فيه شتى الأنشطة الحياتية، ويخضعون لنظام سياسي معين، يتولى شؤون الدولة، وأهدافه واحدة وإن اختلفت الصيغة من جمهوري إلى ملكي أو غيرها من أشكال النظام السياسي، وتشرف الدولة على الأنشطة السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تسعى إلى تحقيق رفاهية الأفراد واكتمال الخدمات المقدمة لهم.
ويشترط فيمن يعملون في وظائف الدولة المفصلية ومواقعها الحساسة أن يكونوا محايدين وغير مقولبين لخدمة أفكار معينة تنتمي لذات اليمين أو ذات الشمال، بل يشترط فيهم أن يكونوا مهمومين بالصالح العام الذي يخدم المواطنين ومستقبل الوطن وأوضاعه الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.
هذا الحياد وعدم الميل إنما هو سمة رئيسية للعاملين الذين يسعون بإخلاص لتنفيذ أجندة الصالح العام.
والميل والاختلاف مقبول بين شرائح المجتمع، لكن المسؤول يلزمه الحياد والنظر دائماً للصالح العام دون الالتفات للأيديولوجيات وعراك التيارات.
نظام الدولة الحديثة يشترط في العاملين فيه أن يكونوا مخلصين لفكرة الإنسان وحقوقه في توفير أرقى الخدمات في الأمن والعلاج والتعليم والغذاء والسكن والمواصلات.. وهذه هي أهم مقتضيات التنمية التي تسعى الدولة لتحقيقها.
ذلك نظام الدولة الحديثة، وقد سبق عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كل هذه المفاهيم في توجيه عماله في الخراج ومختلف الدواوين بألا يميلوا في تعاملهم مع الناس، وأن يحقوا الحق، ويحسنوا، ويقسطوا بالعدل حتى مع أهل الذمة (اليهود والنصارى).
f.f.alotaibi@hotmail.comTwitter @OFatemah