|
الرياض - الجزيرة:
بمجرد إقرار اللوائح التنفيذيَّة لأنظمة التمويل من مؤسسة النقد العربي السعودي، والسماح للمصارف الأجنبية بدخول السُّوق عبر تأسيس شركات للتمويل العقاري، أصبح المجال مفتوحًا لدخول مؤسسات وبنوك خليجيَّة كبرى لاقتناص مجموعة من الفرص الاستثماريَّة العقارية التي يؤكِّد خبراء أنَّها مازلت تفوق قدرة المطوِّرين والممولين المحليين في المملكة.
من شأن هذا الواقع الجديد الذي يتشكَّل حاليًا أن يكون له انعكاسه الإيجابيّ على المستوى الاقتصادي لاسيما وهو يتعلّق بقطاع العقار الذي يعد المحرك الاقتصادي الثاني بعد قطاع النفط، حيث ستشهد الفترة المقبلة افتتاح مزيد من المصارف الخليجيَّة في المملكة التي ستتنافس فيما بينها لتقديم عروض وبرامج تمويليَّة للمواطن والمقيم، وذلك بعد أن عملت هذه المصارف خلال شهور ماضية على تقييم ودراسة مستوى الطَّلب في السُّوق السعودي.
ملامح المشهد بدا أكثر تحديدًا مع تصريح رئيس اتحاد المصارف العربيَّة عدنان يوسف الذي توقع أن يشهد العامان المقبلان ضخ مصارف خليجيَّة نحو 30 مليار ريال في شكل قروض عقارية للشركات والأفراد، وقال: إنه خلال اجتماعه مع مسؤولين خليجيين كبار في قطاع المصارف لمس تحرُّكات تقودها مصارف خليجيَّة لدخول السُّوق السعوديَّة من خلال عقد تحالفات مع شركات عقارات سعودية.
وعدّ السُّوق السعوديَّة «جاذبة وغير مُتَشَبِّعة، وهذا مكسب كبير للمصارف الخليجيَّة التي ستتجه للدخول في تمويل مشروعات المدن السكنية كخيار أول، وسيكون خيارها الثاني تمويل الأفراد».
الرؤية نفسها يمتلكها رئيس مجلس إدارة بنك قطر الأول للاستثمار عبد الله بن فهد المري الذي أكَّد أن عددًا من المصارف الخليجيَّة عازمة على طرح منتجات تمويليَّة في السُّوق العقارية السعوديَّة، وقد وصف لائحة التمويل العقاري المقرة بـ»الممتازة التي تساعد في تطوير السُّوق العقاري وتدفع بعجلة التطوير السكني والتجاري وتعطي فرصة للمؤسسات الماليَّة الخليجيَّة في المشاركة».
كثير من مسؤولي المصارف والمستثمرين في الخليج يرون أن المملكة تُعدُّ الاقتصاد الأكبر في المنطقة وتتمُّتع بآفاق واعدة للنموِّ مقترنة بتوقعات إيجابيَّة للعام 2013م، كما يشيدون بِعدَّة عوامل منها كثرة الفرص، واستقرار الأوضاع، والكثافة السكانية وتنوّعها، إلا أنهَّم يعدّون أن التنافس فيها ليس بالسهل نظرًا لوجود بنوك كبيرة.
وبنظرة أقرب، فإنَّ القطاع العقاري السعودي يعد من أكبر القطاعات الاقتصاديَّة على مستوى الدول الخليجيَّة، حيث تتجاوز قيمته السوقية الفعلية سنويًّا 900 مليار ريال نحو240 مليار دولار.
فيما قدر حجم القطاع العقاري في المملكة -حسب مجلس الغرف السعوديَّة- بأنَّه أكثر من تريليوني ريال، غير أن المشكلة -وبحسب المختصين- ليست في حجم الأصول العقارية ولكنَّها تكمن في قنوات التمويل العقاري التي تُعدُّ متدنية مقارنة بغيرها من الدول.
وقدرت تقارير حديثة أن عدد المواطنين الذين سيتملكون المساكن بأنَّه يتراوح بين مليونين و300 ألف إلى ثلاثة ملايين مواطن وهو عدد المسجلين في قوائم الانتظار لدى صندوق التنمية العقارية، وأن تكلفة بناء وحدات لهذا العدد تتراوح بين 1150مليارًا و1500مليار ريال.
وتقدّر الأوساط العقارية في السعوديَّة حاجة الأفراد من الوحدات السكنية بنحو 4.5 مليون وحدة سكنية بحلول عام 2020، فيما تقدّر حجم التمويل الإسكاني بنحو 117 مليار ريال (31.2 مليار دولار) سنويًّا لاستغلال مساحة 110 ملايين متر مربع من الأراضي الصَّالحة للاستثمار لمواجهة النمو السكاني المتزايد.
في حين تشير الأرقام إلى أن حجم الاستثمارات العقارية السعوديَّة يبلغ أكثر من ملياري ريال (533 مليون دولار)، مما يجعلها تحتل المرتبة الثانية كأكبر سوق عقارية في العالم.
من جهته، يَرَى أحد المستثمرين العرب في الشأن العقاري أن السُّوق السعوديَّة مستهدفة من قبل الشركات العالميَّة، لاسيما في ظلِّ التسهيلات التي تقدمها السعوديَّة للأفراد خاصة بعد أن أنشأت الدَّوْلة وزارة للإسكان.
ويضيف «النمو الذي تشهده السُّوق السعوديَّة سيكون محورًا مهمًا لجذب أهم وأكبر الشركات العالميَّة لاستحواذ حصة من المشروعات السكنية والمشاركة بها في شتَّى المجالات سواء المقاولات أو التطوير أو التمويل أيْضًا، وقد يشمل ذلك مشاركة رؤوس أموال المستثمرين السعوديين من خلال الفرص الراهنة.
الرأي المحلي المتخصص، يقر بأن السُّوق السعودي يعاني من فجوة ضخمة بين الطَّلب والعرض في ظلِّ ارتفاع الأسعار الحالية، حيث إن تكاليف المباني الحالية في المملكة أو دول الخليج أقل من قيمتها بالسُّوق بنحو 30 إلى 35 في المئة، إلا أن هذا الرَّأي لا يخلو من التَّفاؤُل بدخول المستثمر الخليجي وانعكاس ذلك على الأسعار أيْضًا، هذا ما يؤكِّده محمد القحطاني رئيس إحدى الشركات العقارية السعوديَّة في تصريح صحفي: «كل العوامل تشير إلى أن دخول شركات محليَّة وأجنبية وشراكتها مع القطاع الحكومي ممثلة في وزارتي الإسكان والشؤون البلدية والقروية، سيدفع بعجلة النمو في تشييد الوحدات العقارية مقابل الطَّلب الذي سيحقِّقه إبرام الاتفاقية التي وقعتها وزارة الإسكان مع عدد من البنوك السعوديَّة، مما سيخلق نوعًا من التوازن في الأسعار ولكن على المدى المتوسط».
الجدير بالذكر أن الدكتور شويش بن سعود الضويحي، الذي يرأس مجلس إدارة صندوق التنمية العقاري، دشّن برنامج التمويل الإضافي الذي يحقِّق مزيدًا من التعاون بين البنوك التجاريَّة مع صندوق التنمية العقاري.
في حين أنّه من المقرر أن يبدأ العمل في أنظمة التمويل العقاري في المملكة بنهاية نوفمبر بعد أن وافقت المملكة في مطلع يوليو الماضي على قانون التمويل العقاري وهو ما جعل كثيرًا من الآراء الاقتصاديَّة ترى في السُّوق العقاري السعودي حاليًا فرصة استثماريَّة مضافة لوجود التنظيمات التفصيلية لقواعد التمويل والتطوير والرهن العقاري قبل الإعلان عن تأسيس الكيانات.