|
الجزيرة - محمد آل داهم:
كشفت وزارة الزراعة بأنها رفعت لمجلس الوزراء التصور والآليات اللازمة للمرحلة القادمة لمبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للاستثمار الزراعي في الخارج، وقال الوزير الدكتور فهد بالغنيم: الوزارة تنتظر الموافقة عليها لتقوم بدورها في هذه المرحلة بالمتابعة المستمرة لما تحقق، وتقديم الخدمات اللازمة للمستثمرين الزراعيين السعوديين في الخارج.
وأوضح خلال رعايته لقاء المستثمرين الزراعيين السعوديين بالخارج الذي نظمته غرفة الرياض أمس بأنه تم استكمال تحديد عدد من الدول المستهدفة بالاستثمار الزراعي السعودي وتحديد عدد من السلع التي يمكن استهدافها بالمبادرة، كما تم إعداد اتفاقية إطارية للتعاون في المجالات الزراعية والثروة الحيوانية والسمكية بين حكومة المملكة والحكومات الأخرى، وإنشاء الشركة السعودية للاستثمار الزراعي والإنتاج الحيواني (سالك) وتشكيل مجلس إدارتها.
وأشار بالغنيم إلى أن الوزارة بدأت التنسيق مع أصحاب المصلحة وبخاصة الطرفان المحوريان في تنفيذ وإنجاح المرحلة القادمة من المبادرة، وهما الصندوق الزراعي وهو الذراع التمويلي للاستثمار الزراعي الخارجي وشركة (سالك) وهي الذراع الاستثماري للمبادرة.
من جهته أكد نائب رئيس الغرفة خالد المقيرن على أهمية المبادرة التي تهدف إلى تأمين احتياجات المملكة من الغذاء والإنتاج الزراعي والحيواني، من خلال الاستثمار الخارجي في عدد من الدول.
مطالبا بضرورة رصد التجارب الاستثمارية الزراعية السعودية في بعض الدول التي تتعاون مع المملكة في تنفيذ المبادرة لمعرفة مدى النجاح الذي سجلته هذه الاستثمارات ودرجة اقترابها من التطبيق الفعلي للمبادرة، ولمعرفة أطر المشكلات والتحديات التي تواجه هذه الاستثمارات.
من جانبه قال رئيس اللجنة الزراعية والأمن الغذائي بالغرفة محمد الحمادي، بأن الكل شهد ما أحدثته أزمة الغذاء العالمية من آثار سلبية على جميع الدول مما جعل الكثير منها تفكر وبشكل جدي في سياساتها تجاه أمنها الغذائي ليس فقط لمعالجة الأزمة التي طرأت ولكن لوضع استراتيجيات وطنية لمواجهة الاحتمالات المستقبلية، ولا شك بأن حكومة خادم الحرمين الشريفين كانت سباقة في رسم استراتيجيات وسياسات لمواجهة ومعالجة أي أزمة وتعزيز الأمن الغذائي.
وشهد اللقاء نقاشاً مفتوحاً أشار خلاله بالغنيم إلى أن مبادرة الملك عبدالله للاستثمار الزراعي في الخارج تدخل مرحلتها الثانية والتي وصفها بأنها مرحلة الانطلاقة، معتبرا أن مرحلتها الأولى كانت مرحلة تتعلق ببناء الخبرات، داعيا في هذا الجانب السعوديين الراغبين في الاستثمار الزراعي في الخارج المرور أولا على الوزارة حتى يتم تزويدهم بالمعلومات والتوجيهات التي تعينهم.
وفيما يتعلق بمسألة التمويل قال الوزير إنها من اختصاص الصندوق الزراعي، موضحا أن الحصول على تمويل من الصندوق متاح فقط للسلع الأساسية التي تختص بها المبادرة «الرز، الشعير، القمح ، السكر، اللحوم، الصويا، الأعلاف» وذلك وفقا للضوابط التي حددها مجلس الوزراء.
كما أشار بالغنيم إلى أن فكرة شركة «سالك» تهدف في المقام الأول لخدمة المستثمرين الزراعيين في الخارج ومساعدتهم بتقديم المعلومات التي تساعدهم من خلال دراسة المشاريع الزراعية المقترحة، مبينا أن الاستثمار في الخارج تكتنفه بعض المخاطر التي تتفاوت من دولة لأخرى، مؤكدا أن الوزارة على استعداد للاستماع لمقترحات المستثمرين والعمل على معالجة ما يقع منها في دائرة اختصاصها.
وقال إن تولي الحكومة شراء الأراضي في الدول التي يوجد بها استثمارات مسألة تخضع لأنظمة وسيادة هذه الدول على أراضيها، مضيفا في هذا الجانب أن الكثير من المعوقات التي تواجه المستثمرين الزراعيين في الخارج يتم التعامل معها وفقا للاتفاقيات الموقعة مع هذه الدول، سواء كانت هذه الاتفاقيات تتعلق بالازدواج الضريبي أو أنها اتفاقيات إطارية أو استثمارية، مشيرا إلى أن الاستثمار في البنى التحتية في الدول التي يوجد بها استثمارات زراعية سعودية ممكنٌ ولكنه يتم وفقا للضوابط.
وأوضح بالغنيم عن أن صندوق التنمية جاهزٌ الآن لتقديم القروض للمستثمرين الزراعيين بالخارج، مشيرًا إلى أن ضمان القروض التي يقدّمها الصندوق تتطلب ضمانات محليَّة وذلك الشرط «يضايق» المستثمرين، والصندوق يَرَى أن تكون الضمانات محليَّة. نافيًّا في الوقت ذاته أن يكون هنالك حدٌّ أعلى للقرض.
وحول بيع بعض المستثمرين لمحاصيلهم خارج المملكة أكَّد بالغنيم بأنه لا شيء يمنع من ذلك، ولكن إذًا نتحدث عن استثمارات مدعومة بقروض فهذه لها شروط، وهنا لا بُدَّ أن يصّدر نسبة مُعيَّنة من إنتاجه. مؤكِّدًا في الوقت ذاته أن جميع المستثمرين في الخارج لم يأخذوا قروضًا من الدولة، وليس عليهم قيودٌ.
وأشار بالغنيم إلى أن هناك احتمالاً لزيادة قائمة السلع السبع المدعومة وهي «الرز، الشعير، القمح، السكر، اللحوم، الصويا، الأعلاف»، مشيرًا إلى أن الاستثمار الخارجي في أيِّ دولة، هو إجراء قائمة عليه دول عديدة، وليست المملكة وحدها، وفي نهاية 2008 كانت هنالك زيادة في أسعار الغذاء في السُّوق العالمي، وأثر ذلك على الاستقرار السياسي في بعض الدول التي لم تكن مستعدة لذلك التغيير، وفي نفس السنة اتخذت المملكة قرارًا بخفض شراء القمح المحلي تدريجيَّا.
وبيَّن بالغنيم أنّه منذ تلك الفترة والمملكة تجري إجراءات زيادة الإنتاج الزراعي على مستوى العالم، من خلال تحفيز القطاع الخاص بأن يتجه نحو الاستثمار الزراعي في الخارج على مستوى العالم، بالإضافة إلى تأمين الأمن الغذائي للمملكة، وذلك يتماشى مع النداءات التي أطلقتها منظمة الفاو، التي أكَّدت أنّه بحلول2050، يجب علينا زيادة الإنتاج الزراعي 70 في المائة، بمعنى ما ننتجه الآن يجب أن نزيد عليه تلك النسبة، لكي نقابل الاحتياجات، ولن تتم تلك الزيادة إلا عن طريق الاستثمارات.
وأكَّد بالغنيم أن المملكة لديها ملاءة ماليَّة وخبرة في المشروعات الزراعيَّة الضخمة، والكثير من الدول دعت هؤلاء المستثمرين ثقة فيهم. وقال: إن المملكة ستساعد نفسها في تحسين مستوى الأمن الغذائي، بالإضافة إلى أن الدول المستهدفة ستساعد في زيادة الإنتاج.