|
مايكل - جي جاكوبيدس:
يذكّر سحب عدد هائل من السيّارات التابعة لشركات تصنيع السيارات «تويوتا» و»نيسان» وغيرهما، من السوق، بالتكاليف التي تفرضها الهيمنة الإستراتيجية.
ومع أن المورّدين الخارجيين مسؤولون عن القسم الأكبر من تكلفة تصنيع سيارة (حوالي 75 في المئة)، لطالما كانت شركات تصنيع السيارات مسؤولة قانونياً عن مجمل منتجاتها. ويعني هذا المبدأ، الذي رسّخه القانون الأميركي في محكمة استئناف نيويورك في العام 1916 (في قضية «ماكفيرسون» ضد «بويك») أن شركات تصنيع السيارات يجب أن تكون مسؤولة عن الشوائب في مركباتها الآلية، بغضّ النظر عمّا إذا كانت ناتجة عن إهمالها هي أو عن إهمال أحد مورّديها.
وقد تبدو المسؤولية القانونية حيال مسألة معينة مصدر إزعاج، ولا شك في أن كثيرين في قطاع السيارات يعتبرونها كذلك. ولكنّ أحدث بحث أجريته بالتعاون مع جون بـــول ماكـــدافي من كليــة «وارتون» يشيـــر إلى أن مصدر الإزعاج القصير الأمد هذا هو سلاح استراتيجي للأمد الطويل، تستعمله شركات تصنيع السيارات لضمان احتفاظها بحصة عالية ومستدامة من إجمالي القيمة المضافة ضمن قطاعها.
وبعكــــس قطاع الكومبيوترات، حيث أدى التفـــكك العمــودي إلى انتقال القيمة من مصنّعي الكومبيوترات أمثـال «آي بي أم» إلى مصنّعي الرقاقات أمثال «إنتل» وواضعي البرامج أمثال «مايكروسوفت»، لا تزال شركات تصنيع السيارات الكبرى قادرة على الاحتفاظ بحصة الأسد من مجمل الرسملة السوقية لقطاع السيارات.
ويُعزى هذا الإنجاز بالقسم الأكبر منه إلى كون المسؤولية القانونية عن نوعية السيارات تُلقى على عاتق شركة التصنيع، وليس مورّديها. وقد سمحت هذه المسؤولية لمصنّعي السيارات بصقل معايير ومطالبة المورّدين بالالتزام بها. وبالنتيجة، انعكست علاقة «الرئيس والمرؤوس» بين الذين يستعينون بخبرات خارجية من جهة، والذين ينتجون في قطاع السيارات من جهة أخرى، تماماً كما حصل في قطاع الحوسبة.
وبالتالي، من المنطقي نسبياً أن يقبل مصنّعو السيارات بالمسؤولية عن شوائب في سياراتهم، وأن يتحمّلوا صفعة مالية قصيرة الأمد يفرضها سحب من هذا القبيل للسيارات من السوق.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه المسؤولية هي الثمن الذي يدفعه مصنّعو السيارات لاعتبارهم الضامنين الحاسمين لنوعية منتجاتهم – فيما يشكّل محرّكاً أساسياً للنفوذ الإستراتيجي والأرباح.
كان يقال في فرنسا العصور الوسطى: «النبل يفترض تحمّل المسؤوليات». وتماماً كما كان نبلاء الماضي يفهمون أنه عليهم أن يتحمّلوا ببعض المسؤولية لمنع الثورات، من الضروري أن يقبل قادة القطاعات الصناعية بتلقي صفعات إن أرادوا الحفاظ على مقامهم في أعلى سلسلة الإمدادات.
(يترأس مايكل جي جاكوبيدس منصب «سير دونالد غوردون» للمبادرات والابتكار في كلية لندن للأعمال).