قررت أن أجرب التقنية الحديثة في التواصل مع أمين مدينة جدة، الدكتور هاني أبو راس، فقد عرفته سريع التجاوب خلال عمله كأمين عام لغرفة جدة للتجارة والصناعة، وخلال تعاملي معه بصفتي رئيسا للجنة العلاقات الدولية بالغرفة، فقد كان يشجعني على الاتصال في أي وقت من الليل والنهار، خاصة خلال زيارات الوفود الرسمية.
سجلت ملاحظات من الطريق تتعلق جلها بعدم توفير المواقف في بعض المباني والمجمعات التجارية، وعدم تطبيق الأنظمة المتبعة على بعض ذوي الحظ أو الشأن مما ساهم في تكريس المشكلة المرورية في مدينة جدة. فالسوق والعمارة التي تقام على شارع محدود المواقف أو في حي سكني يضيق بما فيه، تزيد من صعوبة الحركة وتجعل مهمة إيجاد موقف لسيارتك عذاب يومي يضاف الى عذابات الانتقال من مكان الى آخر واختناق المدينة بسياراتها.
كما سجلت ملاحظات أخرى على بعض احياء شرق جدة، كقويزه والرغامة، ومن بينها كثرة المطبات الصناعية والطبيعية وسوء التخطيط والتنظيم.
أرسلت هذه الملاحظات بالصور على إيميل الأمين، فجاء التجاوب بأسرع مما توقعت. كنت أكتب لمعاليه بعد صلاة الجمعة مثلا، فيأتيني الرد قبل العصر. وكان الدكتور هاني يحيل هذه الملاحظات الى جميع مساعديه المعنيين كلا في تخصصه. أما مايعنيه مباشرة فيرد عليه من فوره.
كتبت له مثلا عن ميدان السفن التي أزيلت كما أزيلت الطائرة في ميدانها وغيرها من المعالم الجمالية لمدينة جدة لإنشاء أنفاق وجسور، على وعد بأن تعود بعد انجاز المشاريع التي أزيلت من أجلها، فجاءني الجواب بعد ساعات وبشرني بإنشاء أعلى علم في العالم في موقع ميدان السفن، وإن لم يوضح الوضع بالنسبة للميادين الاخرى. وفي مرة أخرى طلب مني تحديد المواقع المعنية بالشكوى على نحو أدق وفي ثالثة رد بأن الأنظمة تحدد نسبة المواقف الى عدد المستخدمين في الأسواق والمجمعات التجارية والسكنية، وطلب من مساعديه النظر في الامثلة التي ذكرتها.
كان أول تواصل قبل رمضان الماضي، وكان آخره قبل أسبوع. وخلال هذه الفترة الطويلة تجاوب المسئولون في الأمانة والبلديات مع ملاحظتين فأجبر صاحب سور طوله مئات الأمتار جنوب شارع التحلية يمنع الناس من الوقوف أمامه على رفع الحواجز في جانب واحد وسمح له بالإبقاء عليها في جانبين. كما أضطر صاحب عمارة شقق مفروشة ومحلات تجارية على شارع فلسطين الى فتح المواقف المغلقة والتي يبدو أنه كان يأمل في تحويلها الى مستودعات.
إلا أنه لم تحل ولم يرد على ملاحظات أحياء شرق جده وأخرى مثل عمارتين زاد صاحبهما في الأدوار حتى بلغ الثمانية في حي قديم وضيق الشوارع “مشرفة؟”، في حين يلتزم غيره بأربع إلى ست أدوار (حسب المساحة والشارع)، وحول الدور الأرضي المخصص للمواقف الى شقق. والطريف أنه بدلاً من أن يجبر المخالف على تصحيح الوضع صرح له بعد الشكوى بعمارة ثالثة مماثلة بدون مواقف!!
قلت للدكتور هاني أهنئك على حضارية تواصلك وسرعة تجاوبك وأدعو لك بالمعونة مع بعض مرؤوسيك الذين يبدو أنهم لا يشاركونك القناعة والأسلوب. فبعد عشرة شهور لا زلت أنتظر ردهم على الملاحظات، رغم إحالاتك المستمرة وتوصياتك بسرعة الرد. ولازلت، وهذا هو الأهم، أنتظر حلا للمشكلات التي أثرتها. فأهالي أحياء الرغامة وقويزة أضطروا الى رفع الأمر الى هيئة “نزاهة” مؤخرا وصدر منها تأييداً لكل شكاويهم نشر في الصحف. ألم يكن أولى بالمسؤولين في البلدية الفرعية والمختصين في الأمانة أن يبادروا الى حل المشكلات قبل أن تستفحل وتفضحهم؟
تجربة التواصل مع أمين مدينة جدة تشجعني على تكرارها مع غيره من المسؤولين، وأن أدعوكم جميعا لذلك. فكل منا مطالب بالمشاركة والتعاون على الأقل من خلال توصيل المعلومة ومتابعة المشاريع وتتبع أوجه القصور. وبقدر ما أتمنى أن تحظى ملاحظاتي باهتمام كبار المسئولين، بقدر ما أدعو أن يشاركهم الاهتمام كافة العاملين معهم، كما أطالب المسؤول أن يحسن تدريب ومتابعة موظفيه ليرقوا الى ما ارتقى اليه.
kbatarfi@gmail.com