لقد خضعت وظيفة الأخصائي الاجتماعي المدرسي للتجريب فترة طويلة، وخرج بنا الضمير التربوي بحتمية المواجهة بين تطوير الوعي الاجتماعي لدى أولياء أمور الطلاب في مراحل التعليم المختلفة وانتقال اتجاهات القائمين على الإدارة المدرسية من كونها اتجاهات (طوباوية) أي الطموح الزائد، آملة وحاملة ومحلقة في فضاء الفكر التربوي ونظرياته التي تصلبت منذ نصف قرن تقريباً عند معطيات المدرسة السلوكية إلى ما وصلنا إليه في الواقع المعاصر الشديد التعقيد، وما يفرضه من تحديات منها ما يواجه الإدارة المدرسية والعملية التربوية والانتقال من وسائطها الكلاسيكية إلى وسائط أكثر دينامية تشمل تعزيز دور الأخصائي الاجتماعي المدرسي في حل المشكلات الاجتماعية ذات التأثير في شخصية الطلاب وفي مدى تحصيله، وفي مشاركته في المناشط المدرسية وعلاقاته الاجتماعية، وذلك لخلق بيئة تربوية صحية وسليمة نابضة بالحياة والإيجابية ذات المعطيات الموثوقة.
ومن هذا المنطلق أراني عاتباً على مديري المدارس الذين يختزلون عمل الأخصائي الاجتماعي في العمل الإداري (إعداد الجداول- مراقبة الفصول- حصر الغياب- القيام بأعمال الاتصالات - تفقد مرافق المدرسة.. وغيرها من الأعمال...).
ويحدث هكذا العديد من المدارس بالمناطق المختلفة، ويرجع هذا أيضاً في رأينا لعالمين: أولهما: تنكر إدارة المدرسة للهوية المهنية للأخصائي الاجتماعي. ثانيهما: قصور في المستوى التأهيلي الفعلي للأخصائي الاجتماعي ذاته. وثالثهما: إن وزارة التربية والتعليم لم تعط الخدمة الاجتماعية المدرسية حقها في حل ما يعترض الطلاب من مشكلات وصعوبات سلوكية ومدرسية والاعتماد على المرشد الطلابي الذي هو غير مؤهل لحل مثل هذه المشكلات، وربما يرجع الأمر - أحياناً - لتراخ مفتعل من قبل الجهات الثلاث، وهذه محنة يجب تذليلها والخروج من تحت وطأتها... وسريعاً.. وسريعاً جداً.. لماذا؟
لأننا نعيش وسط تحديات يعج بها واقعنا المعاصر- كما أسلفنا القول - الذي لا نستطيع منه فكاكاً من تحديات علمية فائقة السرعة في الانتشار، منها على سبيل المثال اعتماد التقنية الحديثة على النانوتكنولوجي، والاستخدامات الطبية (على الثيمنوثانية أي جزء من الثانية)، والتواصل اللحظي لانتقال المعلوماتية المعولمة عبر الأقمار الصناعية في التو والآن واللحظة والنيوتيوب والنت والتويتر.. وغيرها، حتى صرنا جيران في قرية معولمة واحدة لكنها صارت متعددة الأقطاب، ومتباينة الرؤى والأفكار والمذاهب السياسية والاقتصادية والاجتماعية وما يترتب عليها من حراك اجتماعي واقتصادي.. وغيره، والحمد لله يشهد القاصي والداني بما حققته المملكة من نهوض محمود في كافة المجالات جعل لنا موقعاً متميزاً على خريطة النهوض والتقدم الذي يقوم على العلم والعلماء والاهتمام بالمتعلمين وتنمية سلوكهم العلمي والأخلاقي في ظل قيادتنا الرشيدة بقيادة خادم العلم والعلماء خادم الحرمين الشريفين -متعه الله بالصحة والعافية- ومساعدتهم على تجاوز الصعوبات التي تعترض طريقهم وتأهيلهم للتوافق النفسي والاجتماعي. والمسئول عن ذلك هو الأخصائي الاجتماعي، فأعيدوا حقه بالعمل في تخصصه الذي أهل له لا سيما أن هناك المئات من المتخرجين ذكوراً وإناثاً من أقسام الخدمة الاجتماعية في جميع الجامعات والمؤهلين للعمل في مدارس البنين والبنات.