يبدو أن عدوى الارتفاع الجنوني لأسعار الحليب التي عاشتها الأسواق انتقلت للبيض الذي وصل هذه الأيام لأسـعار قياسية لامست السـحاب دون تفسير واضح أو مـبرر مقنع. وتشهد الأسـواق المحلية ارتفاعاً في أسعار البيض وصل إلى 20% على الرغم من استقرار كافة العوامل التي قد تؤثر على الأسعار، حيث بلغ سعر طبق البيض 18 ريالاً. رئيس جمعية منتجي الدواجن في المملكة عبدالله قاضى عزا أسباب الارتفاع إلى ارتفاع أسعار المواد الأولية الداخلة في عملية الإنتاج والتي أغلبها مستوردة من الخارج مثل الأعلاف واللقاحات بجانب رغبة تجار التجزئة في تحقيق هوامش ربحية أعلى. وأوضح قاضى أن نسبة أنتاج البيض في اليوم تبلغ أكثر من 900 ألف حبة وتغطى 100% من الإنتاج المحلي، وحسب آخر إحصائية لوزارة الزراعة فإن الإنتاج يغطي 120% من الاحتياجات المحلية لكن استهلاكه يزداد خلال موسم الشتاء. أمام ذلك يرى متعاملون في قطاع الدواجن أن ارتفاع الأسعار غير مبرر, مؤكدين بأنه ارتفاع «تضليلي»، لا يعكس واقع السوق افتعله سماسرة. وعبّر مستهلكون عن تذمرهم من هذه الارتفاعات، وطالبوا بضرورة كبح جماح الأسعار وضبط الفوضى التي يشهدها سوق الدواجن. رئيس اللجنة الوطنية الزراعية المهندس عيد الغدير قال في تصريحات لـ»الجزيرة» إن الارتفاع ناتج عن زيادة مدخلات الإنتاج في البيض، حيث وصلت الارتفاعات من 25% إلى 30% وكذلك الأجهزة البيطرية واللقاحات الخاصة بالدواجن والأعلاف, بالإضافة إلى ارتفاع تكلفة العمالة التي تشرف على حواضر الدواجن وفرض الإقامات ورخص العمل 2500 ريال سنوياً، كل هذه العوامل أدت إلى ارتفاع أسعار الدواجن. وفي الوقت الذي تبادل فيه التجار وموردو الأعلاف الاتهامات بتحمّل مسؤولية ارتفاع الأسعار ، فإن مدير الإدارة العامة لشؤون الزراعة بالمنطقة الشرقية سعد المقبل الذي لا يرى سببًا مبراراً لارتفاع الأسعار في الفترة الحالية، التي قد تحدث لعدة أمور منها: ميزان العرض والطلب بحيث كل ما زاد الطلب على منتجات الدواجن في الأسواق من المستهلك زاد السعر والعكس صحيح علماً بأنه لم يطرأ أي تغيير في أسعار الدواجن ومنتجاتها بالمشاريع المنتجة بالمنطقة الشرقية.
وقال المقبل: الوزارة تشرف بالكامل على منتجات الدواجن طور التربية والإنتاج إلى أن يتم تسليم المنتج النهائي للمستهلك بالأسواق ويتم التنسيق مع الجهات المعنية الأخرى (الأمانة والتجارة) فيما بعد الإنتاج. وتقوم أيضاً بالعمل على استقرار أسعار الدواجن، وذلك عن طريق المحاجر والمنافذ بالعمل على وزن آلية الاستيراد والتصدير على سبيل المثال رفع الدعم عن منتجات الدواجن المعدة للتصدير، وذلك لدعم استقرار أسعارها محلياً.
وأشار إلى أن الوضع الصحي لمشاريع الدجاج طبيعي للدواجن بمشاريع المنطقة ولا توجد أي مشكلات أو أوبئة أو نفوق أو غيره تؤثر على مستوى الإنتاج. وأوضح بأن إنتاج المنطقة الشرقية من الدجاج يتراوح بين (80 ألفاً إلى 120 ألف دجاجة يومياً) وهذا يغطي تقريباً 45% من استهلاك المنطقة والباقي يأتي من المناطق الأخرى بالمملكة ومن المستورد.
عضو مجلس الشورى الدكتور زين العابدين يرى أن هذه الارتفاعات ناتجة عن تكاليف الإنتاج وهناك مشكلة يعجز المستهلكين عن فهمها، وهي أن جميع الأسعار لن تظل على أسعارها الأساسية، فلا بد أن توجد هناك ارتفاعات، فالارتفاعات طالت جميع النواحي التجارية والغذائية والإسكانية، فلا يُوجد سعر ثابت.
ردة فعل المستهلك على موجة الارتفاع في أسعار البيض دفعته لمواجهة الأزمة بـ»خفة دم»؛ حيث أطلق مستخدمو قنوات التواصل الاجتماعي، حملات المطالبة بمقاطعة شراء البيض ومنها حملة «خلوها تفقس» رفضاً لارتفاع أسعار البيض، أسوةً بحملات مقاطعة سابقة لمواد غذائية، ساهمت في الحد من ارتفاع أسعارها, وكان لها اثر كبير في إعادة الأسعار إلى سابق عهدها. تركها «تفقس» ليس حلاً، لأن البيض ليس من كماليات «المائدة» بل قاسم مشترك لـ»سندوتشات» الصغار وطعام العشاء «الخفيف». ومقاطعته تكاد تكون مستحيلة، والمقاطعة لن تجدي نفعاً مع ارتفاع كل ضروريات الحياة، كما أن «الانبطاح» أمام جنون الأسعار أمر مرفوض، وحل المعضلة لدى «حماية» المستهلك» ووزارة التجارة ونتمناه حلال عبقريا بعيداً عن البيانات والتحليلات «الفضفاضة» وإنا لمنتظرون حتى «تتمخض الحلول» و»تفقس» الرؤى.
- مدير مكتب جريدة الجزيرة بالمنطقة الشرقية