إن مرتكزات البناء أعمدة ومرتكزات الوطن رجال
- (حكيم)
تنهض الأوطان وتتقدم برجال يتمتعون بالمبادرة الفردية وبروح الريادة، وقلة منهم عبروا إلى المستقبل بخطوات ثابتة وعزيمة لا تعرف التراجع، وشاركوا في بناء الاقتصاد الوطني بإمكانات متواضعة وقدرات ذاتية، محققين إنجازات باهرة ومشاريع ضخمة في القطاعين التجاري والصناعي، وكانوا روادا وعن جدارة.
يسرنا هنا أن نتحدث عن أحد أبرز هؤلاء الرجال العصاميين صاحب المسيرة العصامية والسيرة العطرة والتاريخ الحافل بالإنجازات والذي تجاوز النصف قرن، وبعجالة سنسرد بدايته وبعض المحطات وأهم أعماله والشركات التخصصية التي أسسها وارتبطت بعصب الاقتصاد.
إنه الشيخ علي العبدالله التميمي يرحمه الله، ولد في عنيزة في العام 1340هـ وتوفاه الله عام 1413هـ، بدأ حياته في مسقط رأسه واستكمل دراسته الثانوية في البحرين ومن ثم التحق بشركة أرامكو بوظيفة مأمور مستودع براتب محدود واستمر في العمل لمدة ستة أشهر، ولشدة طموحه اتجه إلى طريق الكفاح والعمل الحر، كمورد حطب لشركة أرامكو ولإخلاصه في العمل ولإتقانه اللغة الإنجليزية ولتمتعه بروح الريادة والقيادة، فقد أفسحت أرامكو له المجال للتعاقد في مشروع مد خطوط أنابيب النفط والغاز.
وفي أواخر الأربعينات ومطلع الخمسينات ميلادية انتقل الراحل إلى آفاق أكثر رحابة وأكثر تلبية لاحتياجات المجتمع، فكان له السبق والريادة في تأسيس عدة مشاريع حيوية، ونذكر منها إنشاء أول محطة وقود في المنطقة الشرقية وتحديدا في أبقيق ومن ثم قام بتأسيس أول شركة نظافة على مستوى المدن بمعدات حديثة وشركة مغسلة الدمام الأتوماتيكية وشركة نقليات متقدمة، وفي السبعينات أسس شركة تسويق المنتجات الغذائية بالمشاركة مع رفيق دربه الشيخ عبدالله فؤاد (أطال الله بعمره) التي قامت بافتتاح سلسلة أسواق سوبرماركت مركزية بمواصفات عالمية وبمعايير دولية في كل من المنطقة الشرقية والوسطى والغربية.
وبالنظر لمعين الأفكار لديه الذي لم ينضب، قرر أن يوسع أعماله بصورة مغايرة فمزج بين ثقافة العمل التجاري والصناعي في المملكة، وحصل على وكالات تجارية عالمية، وشارك في صياغة الاقتصاد الوطني وانفتاحه على صناعات الدول المتقدمة، والتعرف على أحدث ما وصلت إليه الشركات العالمية من تقدم وتكنولوجيا في مناحي مختلفة وفي طليعتها شركة جنرال الكتيريك وشركة سيفواي وشركات أخرى عالمية.
هذا واستشعارا منه بالمسؤولية الوطنية ولحرصه على المشاركة الفعالة في النهضة الشاملة والتنمية الاقتصادية، كان لا بد له من استكمال الخطوات اللازمة في المجالات التجارية والصناعية والاقتصادية، فقام رحمه الله وعلى مراحل ووفقا لاحتياجات البلد، بمواصلة تأسيس الشركات المتخصصة بالإضافة إلى الشركات المختلطة ذات الخبرة العالمية لدعم الخبرات الوطنية وتطويرها، وأصبحت في وقت لاحق تلك الشركات (مجموعة التميمي) تغطي معظم المجالات وركن أساس في الاقتصاد الوطني وفي طليعة المجموعات الرائدة.
ولم تخل مسيرة الراحل من الأعمال الخيرية والإنسانية، فقد قدم للجمعيات الخيرية ولأصحاب الحاجة مساعدات مستمرة ودائمة وشارك في توفير المراكز الاجتماعية والجوامع، وكان رحمه الله لا يحب الضوضاء في هذا المجال، وكانت شخصيته تتسم بالهدوء ودماثة الخلق والتواضع وحرصه أن يكون مجلسه مفتوحا للجميع كي يستقبل ضيوفه وقاصديه، وقد عرف عنه صلته الدائمة لرحمه ومعارفه.
وفي العام 1413هـ رحل الشيخ علي العبدالله التميمي (رحمه الله) إلى بارئه مخلفا إرثا بالغ الأهمية وأبناء بررة صالحين مكملين المسيرة من بعده ومتمسكين بخصاله الصدق والأمانة وحب الوطن، وهنا لابد من الإشارة إلى أننا أثناء التبحر في عالم التميمي، وجدنا أن العمل الخيري لا يقل أهمية عن العمل الاقتصادي، وذلك يعود إلى إستراتيجية الراحل، المتضمنة ضرورة تلازم العمل الاقتصادي مع المسؤولية الاجتماعية، لأن التكافل والتضامن من أهم ركائز نهوض المجتمعات.