|
الرياض - أحلام الزعيم:
عادة جديدة بدأت المقبلات على الزواج اعتناقها بحثًا عن الاستقرار في زمن اعتبرن فيه أن «الرجال قليل»، وأن أقل منهم من يلتزم بمتطلبات عش الزوجية الذي سرعان ما يتحول إلى جحيم ترغب المرأة في التخلص منه بكلِّ ما تملك.. معتبرات أن الزمن الجميل المليء بـ«مكارم الأخلاق» والشهامة قد ولى إلى غير رجعة.
تذكرة الخلاص!
لهذا تجد «سارة 24 عامًا» نفسها حائرة قبيل عقد قرانها نتيجة عدد كبير من النصائح التي انهالت عليها من قريناتها فيما يتعلّق بـ(المهر). إذ يحاولن دفعها لطلب مهر بسيط لا يتجاوز 25 ألف ريال، غير أن هذا ليس تنازلاً منهن وإنما في سبيل مطلب آخر يتعلّق بـ(مؤخر صداق) تسجل فيه مبلغًا أكبر يصل إلى 75 ألف ريال. تقول سارة: «الهدف من وضع مؤخر صداق مرتفع نسبيًّا هو أن تضمن المرأة حقها في حال رغبت بالطَّلاق أو الخلع بحيث يكون هذا المبلغ هو المخلص لها من حياتها الزوجية إن فشلت بها».
شعور بالأمان
وتحاول «أسماء 27 عامًا» أن تقنع خاطبها بضرورة هذا الأمر، حيث ترى أن صديقاتها نجحن بذلك وأعطاهن تحقيق هذا الطلب شعورًا بالأمان مع أزواجهن. غير أن أسماء تقول: «عندما حاولت إقناع خاطبي بهذا الأمر شعر كأنني أجرحه وأنني لست حريصة على إكمال حياتنا الزوجية وتناول الموضوع بشكل شخصي وحساسية مفرطة معتقدًا أنني لا أأمنه وأن في ذلك رسالة سيئة لا ينبغي أن تبتدئ الحياة الزوجية بها».
أما «سلمى 28عامًا» المتزوجة منذ عام فتقول: «أقنعت زوجي بالمسألة، ووجدته أحرص مني على تنفيذها لأنّه شعر أن هذا الأمر يضمن حقي في أي حال سارت به علاقتنا. وحرصه جعلني أتمسك به وأشعر بالأمان معه، لأنّه يؤمني حتَّى من نفسه».
دلالة على النضج!
وترى دكتورة علم الاجتماع نورة الصويان أن ما تطالب به الفتيات لا يندرج تحت عدم حرصهن على إتمام الحياة الزوجية أو تسأهلاً منهن ورغبة في الخلاص في أي وقت. لكنه يدل على نضج الفتيات بعد أن عرفن وسمعن حقيقة وضع المرأة في المحاكم. وتضيف الصويان: «حالات كثيرة تطلب المرأة الطَّلاق لأسباب تستوجب الطَّلاق بالفعل غير أن المحاكم تعرقل طلاقها، مما يضطرها للجوء إلى الفسخ والخلع وهو ما يحتاج مبلغًا ماديًّا قد لا يمدها به أحد.. طرفا العلاقة في بداية حياتهما لا يعرفان إمكانية استمرارهما أم لا، والرجل ينفصل بسهولة عن زوجته ومن متطلبات كرمه ومروءته أن يؤمن لها هذا الخيار. وبدل أن تستخدم مؤخر الصداق في الخلع، تستخدمه في محاولة البدء بحياة جديدة تستطيع فيها الفتاة أن تعتمد على نفسها. ولا أظن أن في الأمر تساهلاً من الفتيات ليتركن الحياة الزوجية لأنّ تربية البنات لدينا منذ نشأتهن تجعلهن يملن أصلاً لمواصلة الحياة الزوجية ولا تصل الأمور إلى الطَّلاق إلى إذا بلغت الأمور حدًا كبيرًا لا يمكن معه الإصلاح».
وتشير الصويان إلى أن نسبة الطَّلاق العالية ووضع المرأة في المحاكم من أهم ما يدفعن لاتخاذ تدابير بهدف ضمان وحماية مستقبلهن مع أزواجهم.
دين للمرأة على زوجها
من ناحية شرعية يقرّ القاضي السابق د.أحمد الصقيه أن مؤخر الصداق يوجب للزوجة في حال فراق الزوجين، والأصل فيه أنه «دين» على الرجل يحق لها المطالبة به أي وقت: (من المتقرّر شرعًا أن الزَّوجة تستحقّ كامل المهر بدخول الزوج بها، وقد جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: «الزَّوجة تستحق المهر كاملاً بالدخول» انتهى. «فتاوى اللجنة الدائمة» (19 - 56).
ومؤخر الصداق هو دين في ذمّة الزوج، ومرجع استيفائه إلى ما اشتُرط في العقد، فإذا اشترط مثلاً أن يحل المؤخر بعد سنة أو خمس أو عشر سنوات وجب على الزوج الوفاء حال بلوغ الوقت الوقت المحدد، وإن لم يشتُرط وقت محدد فيرجع فيه إلى عادة الناس وعُرفهم إذ المعروف عرفًا كالمشروط شرطًا. فإذا لم يكن هناك وقت محدد، ولا عرف سائد.. فإن وقت أدائه هو الفرقة بينهما، وهذا هو المراد غالبًا عند اشتراط المؤخر. وينبغي على الأزواج أن يراعوا أداء ما اشترطوه، وأن يوفوا حق زوجاتهم، لقوله صلَّى الله عليه وسلّم: «إِنَّ أَحَقَّ الشَّرْطِ أن يُوفي بِهِ مَا استحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ»).