نعود لأحداث مصر، ومحاولات إشعال الفتنة التي تتجاوز فعل السفهاء إلى شكوك جادة وحقيقية من قيام جهات لا تحب الخير لمصر ولا للمصريين مسلميهم وأقباطهم على حد سواء.
محاولات تفجير الفتنة ليست جديدة على مصر، وقد حاول السياسيون اللعب بهذه (اللعبة الخطيرة)، حتى أن هناك أصابع اتهام عديدة توجه إلى النظام السابق بأنه حاول استغلال هذه الفتنة لتصفية خصومه السياسيين. إلا أن تحريك الفتنة الطائفية ومحاولة توظيفها سياسياً خلق وضعاً خطيراً يمثل تهديداً جدياً للأمن القومي المصري، فقد تمت من داخل أقباط مصر، نشطوا خارج مصر وبدأوا يعملون على تشكيل قوى ضاغطة و(لوبيات) في الدول الأوروبية الغربية والولايات المتحدة الأمريكية، مستفيدين من وجود أحزاب سياسية مسيحية أوروبية بعضها ذات توجه يميني متشدد. وهذه المحاولات بدأت منذ حكم الرئيس الراحل أنور السادات الذي كثيراً ما واجه مظاهرات احتجاجية من أنصار المنشقين الأقباط سواء في الأراضي الأمريكية أو في بعض العواصم الأوروبية، وشكلت ادعاءات ومحاولات أقباط المهجر تشويهاً كبيراً على مصر، إلا أن بابا الأقباط الراحل شنودة وقف ضد كل محاولات تقسيم مصر، وجعل كياناً خاصاً للأقباط، ورفع شعار (نحن لا نعيش في مصر، بل مصر تعيش فينا).
معارضة بابا شنودة للانفصاليين الأقباط في الداخل والخارج أفشل كل الجهود التي كانت تسعى إلى تطوير الفتنة الطائفية لإضعاف مصر، إلا أن تفجير الأحداث الأخيرة التي بدأت شرارتها من قرية الخصوص بعد اتهام مسيحي بوضع علامة مسيئة للإسلام على سور معهد ديني تعليمي في منطقة الخصوص والتي أسفرت عن مقتل خمسة أشخاص، ثم امتدت إلى مواجهات على الكاتدرائية في العباسية ما رافقها من اتهامات من تلكوء قوات الأمن في حماية الكاتدرائية وهو ما جعل الأطراف والقوى التي كانت تساند محاولات أقباط المهجر بإيجاد كيان خاص للأقباط، وخاصة من قبل الأحزاب المسيحية في أوروبا، مما سيدفع دول الاتحاد الأوروبي وحتى أمريكا للضغط على الرئاسة المصرية وإعادة تحريك ورقة الأقباط في مصر للنيل من الأمن القومي المصري.
jaser@al-jazirah.com.sa