ناقش مجلس الشورى التقرير السنوي للخطوط السعودية وكالعادة كرروا أعذارها مثل تلك المتمثلة في تواضع أسعار التذاكر وحين لاموها على التقصير وجدته لوما لا يختلف عما يكرره أغلب المواطنين. لوما لم يصل إلى حد تكشير الأنياب وتحليل المعطيات بدقة. لم يتبرع أحد أعضاء مجلس الشورى ولجنتهم المعنية ليحسب لنا دعم الدولة للخطوط السعودية والمتمثل في الوقود المدعوم والإيجارات شبه المجانية للمطارات والخدمات الأرضية والدعم في شراء الطائرات، وبالتالي يخبرنا هل الخطوط السعودية فعلاً (تكد) على الشعب السعودي بأسعار تذاكر متواضعة، أم أن الحكومة هي من يصرف عليها لتبقى على قيد الحياة رغم تواضعها وفشلها المتكرر؟ لم يتفضل أحدهم فيسأل السعودية عن عدد الطائرات المسجلة باسمها، وهل هناك طائرات غير مسجلة باسمها؟ لم يباشر أحدهم بدراسة معمقة للعلاقة بين الحكومة والخطوط السعودية، وهل التدخل الحكومي في إدارة مجلس إدارتها أو في تسجيل بعض ممتلكاتها باسم الحكومة كان سبباً في فشلها أو العكس كان سبباً في انتشالها في أوقات الأزمات؟ ولم يقدم لنا أحدهم رؤية حول فض هذا الاشتباك بين الحكومة وبين الخطوط السعودية كشركة يفترض أن تتحول إلى القطاع الخاص قريباً؟ وكما هو معتاد ناقش مجلس الشورى تقرير هيئة الغذاء والدواء جرياً على عادته الدورية، وخرجت اللجنة الموقرة وكأنها تتحدث باسم الهيئة حين أعلن متحدثها بأن الهيئة تجد بعض الصعوبات في إيجاد معاملها ومقراتها. يا سلام؛ عشر سنوات عمر الهيئة فنأتي ننقدها بهذا الشكل الخجول، وكأننا متحدثون باسمها بدلاً من أن تكون صيغتنا مباشرة معها فنسائلها لم قصرت ونعلن أن إدارتها عجزت عن تحقيق أهدافها وأداء مهامها بشكل كما يجب...
وايضاً ناقش المجلس نظام التعليم الأهلي، وجاء البعض وكأنه المالك لمدارس التعليم الأهلي يريد أن نمنحها مزيداً من الحوافز، 2000 ريال عن كل طالب دون سؤال عن الإستراتيجية التعليمية - إن وجدت - هل نحن نريد خصخصة التعليم العام أم لا؟ وهل مشكلة القطاع الخاص هي الحوافز أم المراقبة والمتابعة؟ وهل مشكلته تواضع الرسوم الدراسية، حتى ندعمه؟ وهل المال العام أصبح متاحاً ليتحول إلى هبات ومعونات في كل قطاع؟
ذلك بعض ما تم مناقشته مؤخراً بمجلس الشورى، أوردته لأصل إلى خلاصة مقلقة حول طريقة أداء مجلس الشورى المتسم بالسطحية في بعض نقاشاته واللطيف والمجامل. مراجعة التقاريرلا تعني القراءة السريعة لنعلق بكلمة هنا أو هناك حول فقرة هنا أو هناك، بل تعني التمحيص في كافة أعمال القطاع والقيام بقراءات معمقة في المجال وربما حتى بعض الدراسات والحسابات البسيطة من قبل العضو ليكون تعليقه ذا إضافة وليس مجرد ختم على التقرير. كلمة مجلس لا تعني أن يتحول المجلس إلى أشبه بمجلسنا اليومي الذي نثرثر فيه بالنقد الانطباعي حول الأشياء. أعضاء المجلس ذوو تعليم عال وخبرات متميزة يمكنهم فحص الأمور بشكل أكثر دقة، فلم هذا الكسل نراه يشوب أداءهم؟ أعضاء المجلس لديهم الاستقلالية والحصانة والحيادية فلم نر بعضهم يتكلم بلغة عاطفية ومداهنة للقطاع الحكومي أو الخاص الذي يناقشه؟
نريد من المجلس أن تكون له أنياب ومخالب وصوت مهيب ومخيف، لا أن يكون المجلس مهادناً يبحث أعضاؤه عن الدبلوماسية- كما يرونها- في الحديث والمظهر. نريد من الأعضاء أن تكون لديهم القدرة على خلع عباءة البيروقراطية والمجاملات ولبس القبعة البرلمانية بلغتها المباشرة والصريحة. نريدهم عونا للوطن بإحضار الرأي المختلف والمتميز، وليس مجرد صوت صدى للجهاز التنفيذي بالدولة.
malkhazim@hotmail.comلمتابعة الكاتب على تويتر @alkhazimm