يتناول موظفو القطاع الخاص منذ فترة طويلة وبكثير من الشوق، إقرار تمديد الإجازة الأسبوعية إلى يومين، بعد أن وصل هذا القرار وكما نسمع لمراحل إقراره الأخيرة.
والحقيقة أن هذا المطلب لموظفي القطاع الخاص دُعم كثيراً من وزارة العمل التي رأت ومن منطق واقعي وعملي، أن إجازة اليومين ستدفع الشباب إلى التوجه للقطاع الخاص، حيث تعتبر إجازة اليوم الواحد من أكبر المؤثرات لنفور الشباب من العمل في الشركات والمؤسسات ومعهم كل الحق في ذلك.
ومن عايش أحد موظفي القطاع الخاص، يشعر بحجم المعاناة والأسى الذي يعانيه وقدرة الشركات على «امتصاص» كل ذرة عافية في جسده، والذي يداوم في نفس الوقت مع موظفي القطاع الحكومي من الثامنة صباحا إلا أنهم يذهبون لمنازلهم ويتناولون وجبة الغداء ويأخذون قسطا من الراحة ويباشرون النصف الجديد من يومهم، وهذا المسكين ما زال في عمله حتى الخامسة أو السادسة مساءً، فيعود إلى بيته وقد أعياه التعب والجهد على ما يعانيه من قلة الراتب أيضا!
ولو نظرنا إلى الأمر من الناحية الاقتصادية، فلا أعتقد أن هذه الساعات الطويلة للعمل وبعدها يمنح الموظف إجازة ليوم واحد، قادرة أن تمنح الموظف قدرة على الإنتاجية بطاقته القصوى، بل سيبدأ أسبوعه الجديد بالإرهاق، بعد أن تحمل في سبيل لقمة عيشه ما لا يطيقه إنسان في سبيل إرضاء ربّ عمله القادر على إخراجه من أبواب المؤسسة بجرة قلم، وإذا ما نظرنا للأمر من الناحية الاجتماعية فأعتقد أن من أسباب التفكك الأسري وضعف التواصل الاجتماعي هو هذه الساعات الطوال التي يقضيها الأب أو الأم أو الأبناء في العمل، ولا يجدون معها وقتا للالتقاء بأقاربهم وصلة رحمهم حتى تتحول لعادة في المجتمع، وهذا أمر يجلب الحزن في مجتمع مسلم أوصى بالأجير خيرا!
من ناحيتي، أعتقد أن مجتمعنا بشكل عام لا يعطي إجازة نهاية الأسبوع حقها من الجدية، فتجد نهاية الأسبوع تعني لكثير من الأسر التسوق والتجول وسط المجمعات التجارية، بينما نجد في أغلب دول العالم أن هذه الإجازة تعني إغلاق المحلات، ولا تجد إلا بعض محلات البقالة والصيدليات التي تعمل، لأنهم يعون ضرورة البقاء في المنزل أو الالتقاء بالأقارب والأصدقاء، ومنح الجسد حقه من الراحة لمواصلة أسبوع جديد بنشاط وهمة عالية، ولأننا للأسف لا نفكر كثيرا في راحة أبداننا.
وحتى البائعين الذين يعملون في المحلات التجارية على مدار الأسبوع بكامله، قد يمنحون إجازة ليوم كل أسبوعين أو أكثر، ألا يعتبر هذا عملا ضد الإنسانية وأن لا ترضى عنه الأخلاق ولا مؤسسات حقوق الإنسان مع هذا العامل الذي تغرب وأجبر على أن يعمل على مدار الأسبوع حتى لا يفقد لقمة عيشه؟
تمديد إجازة نهاية الأسبوع ليومين ضرورة وليست ترفا، وقبل أن يتم تطبيق القرار، فعلى المؤسسات والشركات أن تبادر لهذا العمل الذي سترى نتائجه على موظفيها بشكل فوري، وعلينا أن نتبنى هذا الأمر كحملة وطنية عبر مواقع التواصل تشيد بكل من يقوم بإقرار هذا الأمر قبل أن يأتي القرار الملزم، وستجد أيضا كثيرا من الامتنان من موظفيها الذين سيشعرون حينها أن شركاتهم منحتهم هذا «الحق» احتراما لهم، بدلا من أن يكون مجرد تطبيق لقرار إلزامي!
www.salmogren.net