|
بشفافية..
استجابة لطلب أخي الكريم أبي مشعل الأستاذ محمد العبدي، أجدني غير متردد في القبول نتيجة لما أقتفى بي شخصياً من جدوى مثل هذه المحاولة. هي تجربة أجزم أنها الأولى على مستوى الإعلام -مقروءاً أو مرئياً- ولا غرابة أن تكون المبادرة من إعلامي فطن ومواكب للمستجدات كالعبدي، وصفحات الجزيرة الرياضية شاهدة على ذلك. يكمن هذا الطلب الغالي - الذي أرجو أن أكون أهلاً له ولهذه الثقة- في تحليل فني مبسط يوضح للقارئ الكريم كثقافة عامة الأسس التي بناء عليها ظهرت المباراة المنقولة تلفزيونياً -أي مباراة- بشكلها النهائي من حيث:
- الجودة بشكل عام، صوتاً وصورة.
- نواحي القوة ونواحي الضعف إخراجياً.
- تسلسل ومنطقية تتابع الأحداث.
- ومدى التركيز على ما يهم المتابع من عدمه.
- أداء المصورين على الكاميرات كل حسب موقعه.
- وكذلك الإعادة البطيئة أداءًا توقيتاً.
- التوازن والحيادية في تغطية طرفي المنافسة
- التقييم النهائي من عشرة والمبرر لذلك
كل الذي أرجوه وأمله أن تتقبل الآراء والملحوظات بصدور رحبة من إخواني المخرجين وحتى من المخرجين الأجانب فيما لو وصلهم شيء من هذه الانتقادات التي أريد بها إصلاح حال الإخراج الرياضي لدينا قدر المستطاع.
بمشاهدة مباراة الكلاسيكو بين فريقي الهلال والإتحاد صاحبي السمعة العريضة والجماهير الكبيرة ولاعبي الخبرة في صفوف الأخضر أستطيع أن أجمل ملاحظاتي الفنية من واقع معرفتي بالإمكانات المتاحة فنياً وبشرياً في الآتي:
- يقول العزيز الدكتور نبيل نقشبندي (معلق المباراة) في الشوط الثاني من المباراة أن الإثارة موجودة.. وفي الحقيقة أنها إثارة ناقصة فتوقيت القطع بين الكاميرات الرئيسية خاصة 1,2,3,4 غير موفق على الإطلاق مما يدل على ضعف التركيز ومواكبة ما يجري على المستطيل.
- كثرة لقطات المدربين ومن مختلف الزوايا مع أن ردود الأفعال أحياناً لا معنى لها، فهي تؤخذ بمناسبة وبدون وفي معظمها تكون من الخلف.
- لا توازن إطلاقاً بين لقطات جماهير الفريقين ففي الوقت الذي تؤخذ فيه جماهير الإتحاد عن قرب وبالكاميرا الجيمي جب (الكرين) فتبدو كثيرة، تؤخذ جماهير الهلال بلقطات ثابتة وعن بعد فتبدو قليلة، رغم أن جماهير الهلال أكثر في الجهة المقابلة للمنصة الرئيسية.
- تم استخدام الكاميرا العنكبوتية (سبايدر) بشكل ممل 46 مرة موزعة بين ما قبل وأثناء شوطي المباراة بلقطات مطولة ومهزوزة أحياناً خصوصاً أثناء التسخين, معظمها مباشرة.
- الاستاد مكتظ بالكاميرات (16) فما فوق: الواضح أن هذا الكم الهائل من الكاميرات يوظف عند توقف اللعب فقط، ويكتفي تقريباً بالرئيسية هروباً من الحرج واحتمالية الخطأ لو تم التنويع. ما الفائدة من الكثرة إن لم تستثمر في نقل ما يجري حياً !! توظيفها للإعادات فقط يدل على عجز.
- لا وجود للإثارة خصوصاً والمباراة بها كم هائل من الأهداف (6)، وليس لوقع المباراة الرتيب أحياناً علاقة في انعدام التفاعل وحصول العشوائية في النقلات. أتضح ذلك مرتين على الأقل في تقطيع متسرع يؤثر على الصورة العامة للنقل بلا شك. وهذا دليل ضعف في التفاهم بين الكنترول وساحة الملعب.
- الاستقبالات تؤخذ من الكاميرا العلوية (2) الرئيسية الثانية ولم يحصل أي استقبال موفق، في حين أن المفترض أن تكون هذه المهمة مناطة بالكاميرات القريبة من المستطيل الأخضر.
- الإيجابية التي تحسب لمثل هذا النقل هي أن الإعادات البطيئة وتوقيتها المناسب بالنسبة لمجريات اللعب كانت جيدة جداً. وكذلك لقطات التسخين المعادة بالبطيء بالكاميرا السوبر.
- التشكيلة ظهرت بشكل تقليدي على خلفية غير معبرة وإحصاءات المسافات لم تستخدم سوى مرتين.
- التقييم بشكل عام هو: 3 من 10.
كلنا يعلم صعوبة هذا التخصص واقعاً معاشاً وأنه يتطلب مواصفات قد لا تكون متوفرة في السواد الأعظم من اللاهثين خلف بريق المغريات التي تحف به، لكن هذا لا يعفي من وجد نفسه بطريقة أو أخرى ضمن المحسوبين عليه أن يطور من قدراته ليلحق بالركب - وأنا هنا لا أقلل من شان أحد لكن لعل أهم أسباب توفر هذه «الفرص»هو قلة المتخصصين الدراسيين أكاديمياً ممن يمتلكون الموهبة والرغبة، علاوة على أن الأبواب مفتوحة على مصراعيها لكل من أراد أن يجرب حظه ويكتشف قدراته الخارقة!! ولإثبات أن التأهيل والرغبة في المجال الرياضي ذاته صنوان لا يتفرقان، هاكم مثلاً اسمين لامعين لمخرجين سعوديين تخصصا في الإخراج التلفزيوني وبرعا كل في مجاله الذي يرغبه بعيداً عن الرياضة رغم كونهما متابعين ومحبين لكرة القدم على وجه الخصوص: محمد مقبل العتيبي وخالد الطخيم.
لا يمكن أن يذكر الإخراج التلفزيوني السعودي بعامة دون ورود اسميهما في المقدمة أستاذان هذه الكلمة من معنى..
موهبتان نادرتان تمتلكان الأدوات كاملة، لكن ميولهما أخذاهما لغير العمل الميداني الرياضي.. وأعداد في المقابل لا حصر لها تمتلك الرغبة فقط، أو أنها دفعت لذلك دفعاً لواقع الحاجة وسد النقص الحاصل فكانت النتيجة المتوقعة..عشوائية في النقل لم تبن على أساس.. التقليد والتقليد الأعمى.
باختصار الإخراج علم يدرس وله أساسيات ونظريات وينتمي إلى صناعة ألا وهي صناعة الإعلام الرياضي في حالتنا هذه وأحسب أن هذا هو الهدف الأساس الذي رمى إليه أبو مشعل. لنعتبر ما يخط هنا بمثابة دورة مجانية، أو ورشة عمل لتصحيح مسار النقل التلفزيوني المحلي وإعادته إلى سابق عهده من التوهج والمواكبة، ولننس قاله من ووجه لمن!