تطرق الكاتب فهد بن جليد في زاويته (حبر الشاشة) في 24 ربيع الثاني في العدد 14769 للاستراحات معنوناً مقالته بـ(عزاب الاستراحات)، تلك الاستراحات التي كثرت في الآونة الأخيرة في مناطق عدة من مملكتنا وجعلها الكثيرون مكان استجمام وموئل استرخاء ومجلس لقاء بالأحباب والأصدقاء، ولم يقتصر الأمر على الكبار، بل تعداه إلى الشباب والفتيات فأصبح الشباب مجموعات كل مجموعة تستأجر استراحة يقضون فيها أوقاتاً طوالاً وإلى ساعات متأخرة من الليل ووفروا فيها الكثير من وسائل الترفيه ونافسهم في ذلك (الفتيات) منهن المراهقات ومنهن غير ذلك اللاتي صرن يجتمعن في استراحات بعيداً عن البيوت، بل طال هذا الأمر الأطفال مقلّدين مَن هم أكبر منهم ولست أثرّب أو استعيب أو أجرّم وإنما هو حق مشروع لمن فعل هذا، فللبدن علينا حق ولكن تدور في ذهني تساؤلات عدة: ما سبب انتشار هذه الاستراحات أهو الضيق في البيوت أم المفاخرة والمباهاة؟ أهو الرغبة في الاسترخاء أم التواري عن الأنظار؟ أهو الطموح في الاستجمام أم الهروب من المسؤولية؟ وقد استوقفني قول كاتبنا الكريم (عزاب الاستراحات) هم أكثر من يعلم بالمشاكل الزوجية في المجتمع بسبب (الفضفضة)، لأنهم خير من ينصت للمتزوجين عندما يهربون من منازلهم بحثاً عن ساعة صفا؟! مما يدل على أن الاستراحات تعني عند الكثيرين متفساً ولبعض المتزوجين مهرباً وملجأً ولكن العزاب يظلون ضحية، حيث قال الأستاذ فهد عن العزاب في هذا الشأن تبدأ تتشكَّل لديهم (صورة مشوَّهة) عن مستقبل مظلم ينتظرهم، بسبب رواد الاستراحات من المتزوجين وتتأكد لديهم قناعات بعدم التفكير بالزواج!
ويخطر في بالي سؤال أزعم أهميته فحواه: ما هي البرامج المفيدة والأعمال النافعة التي تُقام في هذه الاستراحات؟ نعم يلتقي الأحباب والأصدقاء ويجتمعون فيها ولكن ما جدواها؟ وما فائدتها عليهم وعلى أخلاقهم ووطنهم وأمتهم؟ إنه ليحزن كل مسلم غيور ومواطن مخلص أن تتخذ بعض هذه الاستراحات من فئة ضعيفة عقول وقليلة إيمان للفساد والإفساد والتخطيط لنشر الجرائم في المجتمع فتبدأ بريئة ثم ما تلبث أن تكون بؤرة فساد ووكر رذيلة استهدفها أهل الإجرام ورفقة السوء.. فكم سمعنا من مآس ولدت في مثل هذه الاستراحات وتم التعامل معها من قِبل الجهات الأمنية من ترويح مخدرات وارتكاب فواحش وحفلات مجون ورقص وغيرها! ولعاقل أن يتساءل إن كانت الثقة موجودة عند الأب في ابنه أو ابنته فأين المتابعة؟ أين الأمانة؟ أين المسؤولية التي استرعاك إياها الشرع الحنيف (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) أين العقلاء والفضلاء وأهل التربية عن زيارة هذه الاستراحات وغشيانها والقرب من أهلها والتعاون معهم على الخير وحمايتهم من الشر وتحذيرهم من شلل الفساد ودعاة الفتنة ودهاقنة الزيغ والضلال؟ لا أنكر أن هناك موفقين (حُكماء) وهم قلة يغشون هذه الاستراحات ويزورونها ليكونوا على مقربة من إخوانهم وأقاربهم ويطمئنوا على أوضاعهم حريصون على صلاحهم وحمايتهم والحفاظ عليهم من السوء وأهله ولكننا نريد الزيادة ليتحول القليل إلى كثير، فالفتن باتت كقطع الليل المظلم واستشرت والشيطان وأعوانه من الإنس والجن قويت شوكتهم وظهر خطرهم بجلاء ووضوح حين ضعف الدين في القلوب وقلَّت الخشية من الله وتكالب الناس على الدنيا متنافسين فيها غافلين عن الآخرة إلا من رحم ربي، فما أجمل الاستراحات حين تكون متنفساً نقياً وموئلاً زكياً ومركزاً عالياً ًومجمعاً علياً نأمن فيه على أنفسنا وأهلنا وعلى أولادنا وشبابنا من كل ما يضرهم ويسيء لهم!
عبدالله بن سعد الغانم - تمير - سدير