الدمام - فايز المزروعي:
توقعت مصادر مطلعة في القطاع النفطي، أن تشهد الفترة المقبلة نمواً مطرداً في انخفاض واردات بعض الدول الآسيوية من النفط الإيراني، ما يعني انسحاب تلك الدول تدريجيا وتخليهم عن نفط طهران في ظل العقوبات المفروض عليها. وبينت المصادر لـ»الجزيرة» أن انخفاض واردات الدول الآسيوية المستهلكة للنفط يعتبر دلالة واضحة على وجود مصادر بديلة للنفط الإيراني، حيث إن هذه الدول تبحث في نهاية المطاف عن مصالحها ورعايتها، ومتى ما توفرت لها إمدادات بديلة لوارداتها من النفط الإيراني، فستتخلى هذه الدول عن دعمها لطهران سواء كان من خلال شرائها لنفطها أو إمدادها بالبنزين أو منتجات أخرى، حتى في ظل تهالك المصافي الإيرانية وتقادمها، واحتياجها الكبير للمشتقات النفطية. أمام ذلك، أظهرت بيانات من وزارة الاقتصاد والتجارة اليابانية أمس (الجمعة) أن واردات اليابان من النفط الإيراني هبطت في شهر فبراير بنسبة 32.3 بالمئة عن مستواها قبل عام لتصل إلى 214268 برميلاً يومياً. وقالت الوزارة، إن الواردات من النفط الإيراني في فبراير انخفضت بنسبة 19.1 بالمئة عن الشهر السابق، كما انخفضت واردات اليابان من النفط الإيراني بشكل مطرد العام الماضي مع فرض الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات صارمة على طهران بسبب برنامجها النووي المثير للجدل. وفي المقابل أظهرت بيانات رسمية الأسبوع الماضي، انخفاض واردات كوريا الجنوبية من النفط الخام الإيراني إلى نحو الربع في أول شهرين من العام الجاري مقارنة مع العام السابق، تحت ضغط العقوبات الأمريكية التي تستهدف البرنامج النووي الإيراني. وأوضحت حينها بيانات مؤسسة النفط الوطنية الكورية، أن كوريا وهي خامس أكبر مشتر للخام في العالم استوردت ما إجماليه 79.75 مليون برميل من الخام في شهر فبراير بانخفاض 1.3 بالمئة مقارنة مع العام الماضي، مشيرة إلى أن كوريا استوردت 3.97 ملايين برميل أو 141 ألفا و929 برميلاً يومياً من إيران في الشهر الماضي بانخفاض 30.2 بالمئة عن مستواها اليومي قبل عام، وبالمقارنة مع شهر يناير فقد هبطت واردات النفط من إيران 25.4 بالمئة على أساس يومي، حيث انخفضت واردات الخام من إيران في أول شهرين من العام الجاري 23.7 بالمئة مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي إلى 9.87 ملايين برميل. وأوضح الخبير الاقتصادي سعد آل حصوصة لـ»الجزيرة» أن انخفاض واردات بعض الدول الآسيوية من النفط الإيراني يتي نتيجة للحظر على إيران بسبب برنامجها النووي، كما ان طلب عدة دول آسيوية كالصين وكوريا الجنوبية والهند واليابان لإمدادات نفطية مختلف من عدة دول، يعد مؤشراً واضحاً ومؤكداً على خشيتهم من نقص الإمدادات مستقبلاً، خصوصاً في حال تطبيق حظر كامل على نفط طهران. وأبان آل حصوصة، أن الانسحاب التدريجي لهذه الدول يتضح من خلال تقليصهم لوارداتهم النفطية من إيران بنسب كبيرة جداً خلال عام 2012 والتي قد يصل بعضها إلى أكثر من 50 بالمئة، واستمرارهم في تقليص وارداتهم من النفط الإيراني منذ بداية العام الجاري، وذلك يعود لثقتهم الكبيرة في قدرة من يعوض النقص في إمدادات النفط عند وجود النقص، حيث يتمثل هذا الدور في الممكة أكبر مصدر للنفط في العالم والتي لديها القدرة على تعويض أي طلب في الإمدادات سواء بالوفاء في العقود أو زيادة الطلب، كما أنها تستطيع أن تلبي أي نقص في النفط بالتعاون مع دول أوبك الأخرى، وذلك فضلاً عن المملكة التي تستطيع وحدها زيادة طاقتها الإنتاجية إلى 12.5 مليون برميل خلال أسابيع، وحتى فيما لو طالت فترة الزيادة على الطلب فإن المملكة تستطيع الوفاء بالإمدادات النفطية المطلوبة، مشيراً في الوقت ذاته إلى أنه نتيجة لهذا القلق ستسعى دول آسيا أو غيرها في الفترة الحالية أو مستقبلاً، إلى البحث عن مصدر آمن ومستقر وقادر على إمدادات النفط، حيث يتمثل هذا المصدر في المملكة التي أثبتت للعام اجمع التزامها وقدرتها على ذلك، لذا من المحتمل أن تتسابق عديد من الدول على زيادة وارداتها النفطية من المملكة مستقبلاً. أما الخبير في الشئون النفطية الدكتور محمد الحربي فقد أكد لـ»الجزيرة» أنه من المتوقع أن يشهد العام الجاري زيادة في تعويض الدول الآسيوية لإمداداتها النفطية التي تخلت عنها بسبب الحظر على إيران، وخشيتهم من نقص الإمدادات مستقبلاً، خصوصاً في حال تطبيق حظر كامل على النفط الإيراني، ويتبين ذلك على سبيل المثال من خلال ما وقعته شركة اس - أويل الكورية الجنوبية لتكرير النفط، العام الماضي لعقد طويل الآجل مع شركة أرامكو السعودية لتزويدها بالنفط الخام لمدة 20 عاماً، حيث يأتي توقيع هذا العقد في حين تسعى كوريا الجنوبية صاحبة رابع أكبر اقتصاد في آسيا جاهدة لموا جهة انقطاع محتمل للإمدادات المقبلة من إيران، بسبب تشديد العقوبات الأمريكية على طهران. وقال الدكتور الحربي: من المحتمل أن نشهد اتجاه عدد من الدول الآيوية المستهلكة للنفط إلى رفع طاقة استيرادها من النفط في عام 2013 كنوع من التحوط ضد أي نقص في الإمداد، وخوفاً من وصول أسعار النفط إلى مستويات كبيرة، كما حدث في السابق عند الإعلان عن بدء تطبيق الحظر على إيران».