أخشى أن تكون مصداقية الداعية الشرعي مرتبطة بموقفه السياسي ومستوى ثوريته ومقدار معارضته! خشيتي مبرَّرة، خصوصاً إذا رأينا ممارسات الفتيان الجهلة ممن تربوا في أفنية المعاهد السرية للمتطرفين والحركيين، هؤلاء الذين أخذوا أسوأ ما في حركية الصحوة والسرورية وأبشع ما في التجارب التي حدثت في دول أخرى. ومنهم من حوَّلوا تنظيم القاعدة إلى فصيل سياسي!
وأي رأي يحمله تنظيم القاعدة! وأي فكر يدافع عنه هؤلاء! وأي موقوفين يطالب هؤلاء بإطلاقهم؟! هذه قضية معقدة، وهؤلاء صموا آذانهم عن حديث العقل، وأقحموا الأسر والمناطق والتاريخ بمطالب تنظيم لا يمثّل إلا سجلاً طويلاً من القتل والدمار والدماء والإقصاء والتكفير.
هذا شكل من أشكال الحراك ضد بلادنا، وهو يعتمد على عدة محاور أهمها إضعاف التواصل والثقة بين المواطن والقيادة، وتشويه وزارة الداخلية واستفزاز رجالها وجرهم لردود فعل عنيفة، وإظهار الإسلاميين الحركيين بمظهر المطالبين بالحقوق السياسية والمناضلين من أجل الشعب، والإضرار بصورة المؤسسة الدينية الرسمية والتقليل من أهمية آرائها، واستغلال بعض الشخصيات العامة وأصحاب المال والجاه لخدمة أهداف محددة تضر بترابط الأسرة المالكة الكريمة.
نحن في هذه المرحلة، اجتماعياً على الأقل، لا بد أن نفرز ونتعرَّف على ضعاف النفوس، وقليلي المروءة والخونة والكارهين، خصوصاً أصحاب المصالح الذين أكلوا من خيرات هذه البلاد الأموال والجاه والممتلكات، ويتجرؤون اليوم على سيادة بلادنا ويتفلسفون بكلام مقعر يُفهم منه، دعم كل من يضمر العداء لبلادنا.
اجتماعياً يجب أن نعي أن الدين اليوم ليس لوناً واحداً، لأن الحركيين والحزبيين حاولوا جعله نسخاً وألواناً مختلفة، والحزبيون والحركيون لا يشبهون مشايخنا الفضلاء الأتقياء، يجب أن يعرف المجتمع أن ما يسمون بالإخوان المسلمين، يعملون بجد واجتهاد لتعكير صفو الأمن في هذه البلاد.
وبوابة أحلام الإخوان المسلمين، هي السعودية ففيها نسبة كبيرة من المتدينين الأتقياء وفيها المال، وهناك قاعدة أسسها “الإخوانجية” طوال السنوات الماضية يمكن الاعتماد عليها لتحقيق أهدافهم، إضافة إلى تغلغلهم في قطاعات مهمة، والمشكلة الأعمق أن العوام لا يعرفون الفرق بينهم وبين غيرهم، لذا عندما يهاجم أحدنا الإخوان ويفضح مخططهم، ينطلق جاهل من هنا أو هناك ممن لا ينتمون للإخوان ولا يؤمنون بفكرهم ويشتمنا ويصفنا بأوصاف لا تليق، لأن الدين مرتبط لديه بالسلوكيات الظاهرة والشكل والمظهر، ولأن الإسلام كما أفهمه معلموه في المدرسة “دين ودولة” وأن “الإسلام هو الحل” وجعلوا كل من يحمل راية إسلاموية مقدساً ومعصوماً!
في بلادنا يمكن أن ترتزق وتصبح ثرياً وتحيطك هالة من القداسة بمجرد أن تطلق لحيتك، وتقول كلاماً يروق للمتطرفين من “الهتّيفة” المتحفزين الذين يعيشون في كهوف بعيدة عن المجتمع، ويظنون فينا جميعاً الظن السيئ، ولا يناسب هؤلاء إلا الدعاة المسمومين الكارهين للدولة والمتلاعبين في المشاعر، وهدفهم النهائي تحقيق غايات شرعية مزعومة لا تنص عليها الشريعة!
كما حاربنا الإرهاب وأسقطناه علينا محاربة الحزبية والحركية، وتدمير ارتباطاتها الخارجية، وكف يد كل من تثبت خيانته وإبعاده عن دائرة التأثير مهما كان، فهؤلاء الحركيون يدسون السم في العسل ولا يسهل تمييزهم عن غيرهم.. حمانا الله منهم ومن أمثالهم.
Towa55@hotmail.com@altowayan