في إحدى الليالي الزرقاء المرصعة بالذهب كتب محمد الكثيري - رحمه الله وأسكنه فسيح جناته - مقالاً تحت عنوان (من راقب الهلال.. مات همّاً)، وكان فقيد الصحافة الرياضية يدرك أن ذلك الأزرق الشامخ والكيان العامر بالإنجازات سيسلب عقول عشاقه حباً وولعاً، وفي المقابل سيزيد من عداد الحاقدين والمتربصين .. حتى اصبح سقوط «كبير الكبار» أمنية الكثير من خصومه .. بل سقوطه بات يدرج ضمن إنجازاتهم .. في ليلة الجمعة البهية وبحضور «سلمان» .. تحدث العملاق الأزرق بطلاقة .. فهو متحدث بارع .. نطق إبداعا داخل المستطيل الأخضر .. واطلق اجمل المواويل وهو يصعد إلى منصة التتويج .. هي عادته، لا يجيد الحديث خارج ميدان المعركة .. يفكر دائماً بالعشب الأخضر .. وعينه الأولى على المدرج الجنوبي الماتع .. يفكر كيف يسعد أنصاره .. عينه الثانية تركها هناك في «العريجاء» حيث مقر النادي الملكي .. كانت تراقب خزائن الذهب وتفتش عن موقع يليق بالكأس الجديدة .. قبل المواجهة المرتقبة قالوا وقالوا وقالوا .. الهلال سيكون فريسة فارس نجد .. هي كذلك الأحلام لا سقف لها .. ولا نستطيع تحجيمها .. الأزرق المهزوز هذا الموسم .. هز أركان درة الملاعب .. أبدع وامتع .. عانق الكأس وأشعل قناديل الفرح الزرقاء .. حاولوا إيهام كل المتابعين أن الأزرق تحول إلى جثة هامدة .. بعد أن تراقصوا عليها في الفترة الماضية .. الآن أدركوا انهم كانوا يتراقصون على صوره .. مزقها الزعيم بعنفوانه وترك لهم الحسرة .. في النهائي كان الشلهوب بعبق أجيال الماضي .. وحضر ياسر بروح التحدي .. وابدع الشبان الزرق لتوثيق علاقتهم مع الذهب .. على الرغم من هدف التعادل في اللحظات الاخيرة .. الآن الكأس اتجهت للخزينة العامرة .. وكان الموج الأزرق بهديره الماتع شاهدا من المدرجات على معانقة البطولة 54 .. هو الهلال يا سادة لا تستفزوه .. لا تتلاعبوا أمامه بسطوة المكاتب .. لأنه يغضب ويرد في الميادين .. كانت ليلة تشبه الكثير من الليالي .. فيها أكد كبير الكبار انه لا يشبع .. أما خصومه فلازالوا في سفينة الحرمان.
بعد التتويج بساعة .. خيل لي ذلك المشهد .. مشجع متيم بالأزرق وهو يغادر الاستاد ينتقد مستوى فريقه بصوت فرائحي على الرغم من انه حقق البطولة .. يرد عليه زميله الذي يشاركه العشق ويقول : أفراحنا لابد أن تتوقف ونفكر في القادم، فالبطولة أودعناها في خزائننا وانتهى السباق عليها .. وخلال نقاشهما .. كان ذلك المولع بغرام فارس نجد يسترق النظرات وملامح الحزن تكسوه .. كان يتمتم بغضب : العالمية صعبة قوية!!.
مبروك لكل محبي الأزرق في كل مكان .. أقولها بكل اللغات وفي مقدمتها (اليونانية) .. وحظاً أوفر لعشاق النصر .