Al-jazirah daily newspaper
ارسل ملاحظاتك حول موقعناMonday 11/02/2013 Issue 14746 14746 الأثنين 01 ربيع الثاني 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

وجهات نظر

إيران الفرس وتاجر البندقية
د. طلال بن سليمان الحربي

رجوع

تاجر البندقية، الرواية المعروفة لويليام شكسبير، وشخصية اليهودي الذي اشترط على الإيطالي إن لم يتمكن من سداد دينه أن يقطع من لحمه حيا، فلما لم يتمكن طلب اليهودي تنفيذ شرطه وطالب بحقه من لحم الإيطالي وهو على قيد الحياة.. الإيطالي طلب المال مقترضا ليدعم صديقه على الرغم أنه يكره ويبغض اليهودي، ولكنه رغب في دعم صديقه والوقوف إلى جانبه، هنا كانت عقدة الرواية «الحاجة» نعم الحاجة الملحة التي تجعل الإنسان يرضى بما لا يرضى به إن لم يكن محتاجا، فلولا حاجة الإيطالي لما قبل شرط اليهودي إن لم يسدد دينه برطل من لحمه من أي جزء من جسمه يختار.

وأنا أسير في شوارع الرياض وأشاهد رفرفة أعلام الدول العربية المشاركة في المؤتمر الاقتصادي العربي في الرياض الحبيبة، لا أعلم كيف قفزت صورة اليهودي إلى مخيلتي، واستحضرت ذاكرتي رواية تاجر البندقية، وكيف أن الحاجة تفرض وتلزم كل ما هو غريب وغير منطقي، تصفحت الأعلام التي زينت بها سماء الرياض الزاهية بضياء علم التوحيد الأخضر، حين شاهدت علم العراق، وذلك الانتقال من عدو لإيران إلى كيان ابتلعته إيران، وهذا علم لبنان، ودولة تفتت أركانها دولة يحكمها حزب يركع لإيران، لا أعلم إن كان موجودا أصلا ولكني لم أر علم سوريا، سوريا الحبيبة التي نسمع بتصريحات ساسة نظامها الإجرامي من قلب العاصمة طهران، وهذا علم مملكة البحرين، يرفرف متفاخرا في سماء الرياض، البحرين التي أنياب الذئب الفارسي على شواطئها بل كادت أن تغرس فيها لولا حكمة وفزعة أهل الخليج لأهلهم في البحرين.

بين تلك الرحلة على مركبة العيون ورياح الأفكار تراءى لي علم إيران, لكني شاهدته باسم تاجر البندقية، كيف أن ذوي العمائم في قم يستغلون حاجة الشعوب ويفرضون ما هو أسوأ مما فرضه تاجر البندقية،, الكره الذي حمله اليهودي للإيطالي جعله يتلذذ في طلب رطلا من لحمه يقطعه وهو حي، ألم تعش هذه الدولة العربية بغالبيتها من الأوضاع الاقتصادية السوء والتردي وبغض النظر عن الأسباب، إلا أن المسار الفارسي واحد، يستغلون الحاجة والفقر والمعوزة ويأتون بوجه الألفة والمحبة والإخوة قناعا يختفي وراءه وجه الذئب المفترس، روح فارس التي للأسف ما زالت ترفض أن العرب بدين محمد هدموا عرش كسرى.

باختصار شديد نحن الآن جل ما نتمناه أن نستعيد العراق من مخالب إيران، وندعوا الله أن لا تسقط سوريا مع العراق بين مخالب فارس، وننتظر نهاية دراما الكذب والدجل في الجنوب اللبناني، وبقاء السيف العربي والدرع الخليجي ندا أسدا متأهبا على حدود البحرين الغالية، ماذا أو ما الذي يجعل أبناء الوطن يقبلون بأن تقطع من لحم وطنهم أرطالا؟ ما الذي يجعل ابن الوطن يقبل أن تأتي فارس بجيوشها لنصرته؟ ويرفض فزعة أبناء جلدته وعروبته وجغرافيته،, ما الذي يجعل جنود فارس يدخلون بلاد الشام في لبنان وسوريا ويناورون على حماس في فلسطين، ويدغدغون مشاعر الأردنيون على دعمهم نفطا بلا ثمن،, أحقا يا تاجر البندقية بلا ثمن؟.

المؤتمر الاقتصادي العربي المنوي عقده يوم الاثنين القادم، لعلها الفرصة الأمثل لأبناء العروبة من أجل إعادة ترتيب بيتهم، وإعادة حساب المسار وتنظيم الأولويات من جديد، الاقتصاد العربي ما زال غير متكمل وهناك مدن عربية فقيرة وشعوبا عربية محتاجة وما زال الذئب ينتظر ويترقب، وإن دخل وقدم عروضه، كانت شروط تاجر البندقية أرحم وطأة مما ينويه أنورشروان، لم يعد الاقتصاد العربي رغبة بل حاجة ملحة ضرورية، لم تعد معاناة شعوب العرب أمراً يخصهم وحدهم ويخص أنظمتهم، بل معاناتهم تجعلنا كلنا معا في الهم شرق، وكتلك القصة المعبرة حين سمع العربي البدوي خبر سقوط قصره في الأستانة تركيا فتلثم وأخفى أنفه، فلما سألوه مالك تلثمت قال ستأتي الرياح بغبار القصر المتهدم.

المملكة العربية السعودية، تقود الآن منظومة العرب وليس المسلمين وحدهم، وهنا أستغرب بل أذكر من شاء أن يعتبر حين كنا نتهم أننا لسنا عروبيين وأننا ضد العروبة، اليوم نرى أن المملكة بقيادتها الشجاعة الحكيمة هي الوحيدة الأكثر قبضا على روح الإخوة العربية، القابضة على جمرة العروبة باقتدار وبصمت وبعمل وأمل, لسنا بعيدين عما يحصل في العراق ولا سوريا ولا لبنان وبالتأكيد البحرين.

فها أنتم اليوم أيها العرب على أرض العروبة ومهد رسالة محمد صلوات ربي عليه وسلامه، من هنا من مكة المكرمة انطلقت جيوش الفاروق لتنفذ وعد المصطفى بإيوان كسرى لمالك بن سراقة والرسول وصاحبه في الغار حين هاجرا إلى المدينة، فيا أهل العرب ويا أتباع محمد، ألم يأن الوقت أن نعي جيدا أن الخطر ليس فقط من بني صهيون ولا من غرب علماني أو طامع في ثرواتنا، بل أيضا ممن ارتدى لباسا ليوهمنا أنه معنا على الدين ذاته، يتلاعب بعقول الأجيال ويستغل حاجات الشعوب، كما الدجال سيفعل يوما حين يقدم الماء للعطشى والقمح للجوعى، تلك فتنة حذرنا منها المصطفى حبيبنا وسيدنا، لكن الفتنة اليوم نحن قادرون عليها وقادرون على ردها إلى نحرها.

هنا في الرياض تجتمعون، فأهلا بكم وبأبدانكم عساها صحة وعافية، ولكن الأهم أهلا بقلوبكم وعقولكم و وعيكم، وكفاكم ما عشتم به من خداع ومن تزييف ومن تفرقة، هنا في المملكة كلمة التوحيد انطلقت، ومن هنا أصبح للعرب شأن سطره التاريخ، من هنا تميزنا وانتشرنا، هنا القاعدة، والقاعدة بيت الله على أرضه، بيت له رب يحميه، بيت لا يتركه الله لأهواء البشر ورغباتهم، بل يسخر له من يحكمه بأمر الله ويصونه ويحميه ويفتديه, هنا في مملكة الحرمين الشريفين، ومستضيفكم خادم الحرمين الشريفين، في أي عصر وفي أي روايات طالعنها أن أسمى الملك الزعيم القائد السلطان نفسه خادما ويفتخر بأنه خادم الحرمين الشريفين، أزيلوا الغمامة والغشاوة عن عقولكم وأبصاركم وأنصفوا أهل المملكة شعبا وقيادة، فهذه بلدكم وهذا بيت ربكم، وأهلا وسهلا بكم.

رجوع

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة