نحترم بعض الجهات التي نعتقد أنها حافظت على الحد الأدنى من اللباقة الإنسانية والمهنية والمسؤولية الاجتماعية.. مدينة الملك فهد بالرياض واحدة من المؤسسات الحكومية الطبية التي بادرت إلى تخصيص عيادة لمعالجة الأطفال المصابين بمتلازمة داون والتوحد والإعاقات الأخرى، على الرغم من أنها خصصت عيادة مستحدثة جديدة مازالت في طور الإنشاء والتأسيس وتحتاج إلى الصرف المالي والإداري، إلا أنها احترمت حق هؤلاء الأطفال في العلاج والمساعدة على التغلب على معاناتهم.. وهذا سقف منخفض في المطالبة قياسا بما تقدمه الدولة من ميزانيات، في حين أن دول العالم أنشأت مستشفيات ومراكز متقدمة لعلاج وأبحاث الإعاقات التي زادت بفعل الحروب والإشعاعات والأدوية والتشخيص الخاطئ وأمراض الدم والوراثة.
تبقى مدينة الملك فهد الطبية بالرياض هي من حمل بصيص الأمل في اهتمامها بالأطفال المعوقين.
قطاعات الدولة الصحية الأخرى على الرغم من الميزانيات التي خصصتها لها الدولة والمليارات التي تدفعها سنوياً من أجل تغطية احتياجات المواطن والرفاهية والاستقرار الأسري إلا أنها (مقصرة) تجاه الأطفال المعوقين، فوزارة التربية والتعليم لم تشعر بعد أن من واجبها إنشاء مدارس خاصة لأطفال الإعاقة ويصرون على الدمج تهربا من فتح مدارس للمعوقين، معللين ذلك بأن هؤلاء ما يحتاجونه هو التأهيل، أما وزارة الشؤون الاجتماعية فعملت على رش الرماد في العيون عبر مخصصات تشكر الدولة عليها لكنها لا تغطى الحد الأدنى من مصروفات الإعاقة التي تكلف الأسر الشيء الكثير, برامج وزارة الشؤون الاجتماعية لا تلتفت للمعوقين وأسرهم وهذا في حد ذاته إعاقة إدارية وتردي بالخدمات المقدمة من جهاز يفترض أن يساهم في رعاية المعوقين ويدعم تلك الأسر التي ابتلاها الله بالفقر والإعاقة و(قلة) المعارف والعلاقات العامة.
أما الصحة في المملكة التي تضم وزارة الصحة وقطاعات الدولة العسكرية التي تقدم خدمه طبية، والمستشفيات الجامعية والمؤسسات الطبية الحكومية الأخرى فهي غافلة عن المعوقين لأنها تعتقد أن حاجتهم اجتماعية وهي مسؤولية تتحملها وزارة الشؤون الاجتماعية, وتعليمية تعني وزارة التربية والتعليم ومن توجه آخر أن علاجهم مشمول ضمن علاج الآخرين.
وأنا هنا أتوجه لمعالي وزير الصحة د عبد الله الربيعة, وإلى نائبه د منصور الحواسي وإلى وزير المالية د. إبراهيم العساف بعد شكرهم أناشد باسم الضمير الإنساني والمشاعر الوطنية والحقوق الإنسانية ألا نحمل هؤلاء الأطفال أطفال متلازمة داون ذنبين أنهم جاؤوا لهذه الدنيا بهذه الصورة, وآخر لأنهم معوقون في زمن لا أحد يلتفت للمعوق. أدرك أن د. الربيعة يملك قلباً رحيماً وقد خصص عيادة في مدينة الملك فهد الطبية ومثله الدكتور العساف لكن هذه العيادة لا تعمل دون أن يخصص للعيادة الوليدة أموالاً. وهنا مسؤولية وزارة المالية أن تخصص أموالاً مستقلة للأطفال المعوقين توجه مباشرة لهذه الفئة ولا تدمج ضمن بنود الإنشاءات والأعمال الأخرى، بل تكون موجهة تماماً لتحسين الوضع الصحي للأطفال المعوقين وتخصص لتلك العيادات الخلفية التي يتم إنشاؤها على استحياء ومن طرف خفي التي يعتقد بعض المسؤولين في وزارة المالية وفي القطاعات الصحية بالمملكة أنها خدمة رفاهية وفائضة وبذخ طبي غير مبرر، ولهؤلاء أقول الشكر لكل من بادر الى افتتاح عيادة للأطفال المعوقين في مدينة الملك فهد الطبية، وللمسؤولين الآخرين الذين يرون أن الخدمات المقدمة لأطفال الإعاقة بأنها بذخ ورفاهية طبية أقول لهم الله المستعان.