|
الجزيرة - المحليات:
قام معالي الشيخ عبد الله بن سليمان بن محمد المنيع، ومعالي الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن المطلق عضوا هيئة كبار العلماء المستشاران بالديوان الملكي، بتفقد أعمال التنقيب والتأهيل التي تنفذها الهيئة العامة للسياحة والآثار في عدد من المواقع الأثرية والتراثية في محافظة العُلا.
وشملت زيارة الشيخين موقع المابيات الأثري (مدينة قرح الإسلامية)، وجولة في موقع الحجر (مدائن صالح)، تضمنت مباني سكة حديد الحجاز بعد إعادة تأهيلها وتوظيفها، ومتحف مدائن صالح، والقلعة الإسلامية، والواجهات الصخرية في الموقع، والديوان، إضافة إلى مواقع التنقيبات الأثرية، والمعالم المكتشفة، والالتقاء بالفريق العلمي السعودي الفرنسي للتنقيب الأثري، علاوة على المعالم التراثية في بلدة العلا القديمة، ومتحف محافظة العُلا، والتنقيبات الأثرية في موقع الخريبة.
وأثنى الشيخان على الجهود التي تبذلها الهيئة العامة للسياحة والآثار في مجال المحافظة على المواقع الأثرية وتأهيلها، ودعيا إلى مواصلة الجهود في هذا المجال.
وأعرب معالي الشيخ عبدالله بن منيع عن سعادته بزيارة تلك المواقع الأثرية، والاطلاع على المجهودات المشكورة التي تقوم بها الهيئة وعلى رأسها صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز، في المحافظة على المواقع الأثرية وتأهيلها في مناطق المملكة، داعياً إلى مواصلة الجهود في هذا المجال.
وأكد الشيخ ابن منيع في تصريح له عقب زيارته للمواقع الأثرية، « أن تلك المواقع والكنوز الأثرية هي في الواقع محط حضارات سابقة، وفي الوقت نفسه هي محل عبرة وعظة وزيارتها تعطي الكثير من التأثر، وكذلك التعلق وتقوية الإيمان بالله».
ودعا ابن منيع زوار المواقع الأثرية إلى «تقدير هذه الثروة الأثرية التي هي لهم ولبلادهم ولأهليهم ولأخلافهم»، متسائلاً لماذا يأتي من يشوهها ويعبث بها؟!»، معتبراً من يقوم بأعمال التشويه والعبث بالآثار «مقصر في حق بلده، بل هو عابث بما يتعلق بمصالح البلاد، وعلى إخواننا أن يعرفوا أن الآثار الآن في العالم أجمع تعتبر من أعظم الكنوز التي تفخر وتعتز بها، فالآثار في أي بلد تدل على حضارتها».
وأعرب عن أسفه من قيام البعض ممن يفقد عنصر الوطنية والافتخار ببلده، وما يعود عليها بالنفع والخير الكثير، بالعبث في الآثار، وطالبهم بالمحافظة عليها وأن يشعروا بأن هذا ملكهم وأنها لهم، وأن تطوير هذه الآثار وإبرازها بالمظهر اللائق راجع لهم فيما يتعلق بعزتهم وعزة بلادهم وافتخارهم بها.
وأشاد الشيخ بن منيع بما شاهده خلال زيارته للمواقع الأثرية في محافظة العلا من أعمال تنقيب تقوم بها الهيئة العامة للسياحة والآثار، وقال «رأينا آثاراً جيدة من التنقيب عن القصور، ورأينا آثار هذه القصور، كما رأينا أساساتها وتفاصيل غرفها والطرق التي هي محل عبور فيما بين ساكنيها، فلا شك أنه مجهود مشكور، وسيعطي تفسيراً جيداً لكتاب الله في قوله سبحانه وتعالى تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتاً .
ووصف «محاولة البحث الفردي عن الآثار، وتشويه الآثار ونبشها وتخريبها وسرقتها تلاعب واعتداء على مصلحة البلد»، مطالباً الجهة المختصة «بمتابعة الحفاظ على هذه الآثار، ومعاقبة من لا يرعى ولا يقدر مصلحة بلاده في اعتبار هذه الثروة الأثرية عزاً له ولبلاده».
من جانبه، أوضح معالي الشيخ عبد الله المطلق، أنه اطلع خلال الزيارة على حضارات متعاقبة في هذه البلاد، وهي حضارات الأنباط واللحيانيين وحضارة ثمود قوم صالح، معتبرا أن جهود الهيئة في المحافظة على هذه الآثار «محافظة على آيات وعِبَرْ، فإن الله ذكر في كتابه الكريم هذه المواضع وغيرها، وجعلها آية لعباده المؤمنين بأن يسيروا في الأرض فينظروا كيف كانت الأمم قبلهم، وكيف أثاروا الأرض وعمروها أكثر مما عمروها».
وأكد الشيخ المطلق أن «قراءة التاريخ والآثار تبعث العبرة، وتحفظ التاريخ، وتخبر الأمة بماضيها العتيق، لتنشره وتصححه وتفاخر به»، مضيفاً « قرأت التاريخ من وحي الآثار والاستدلال بالنقوش والخطوط، وما في هذه المواقع يصحح مسيرة التاريخ عن الأمم البائدة مثل دولة الأنباط، ودولة اللحيانيين وغيرهما، حيث أننا لا نرى ذكراً شافياً لها في مصادر التاريخ القديمة، وعسى أن نجد من أبنائنا ممن ينقبون عن المعلومات التاريخية في المصادر التاريخية ما يُغني ويُصحح».
وأضاف: «أشكر لصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة جهوده في إبراز هذه الجوانب بما يتماشى مع المنهج الشرعي الذي يبعث على فهم التاريخ ودراسته للعظة والعبرة، والاستفادة من التجارب، وحفظ المعلومات وبنائها على أسس علمية متينة».
وتطرق الشيخ المطلق إلى مسألة عدم المحافظة على الآثار، والوجه غير الحضاري من قبل الذين لا يقدرون المسؤولية، ويعبثون بالآثار بكتابة أسمائهم عليها، وقال «إن كل هذا يضر ويفسد وثائقية الآثار، فهؤلاء يجهلون قيمتها ويسيئون استخدام زياراتهم للمواقع الأثرية»، واصفاً ما يقوم به هؤلاء بأنه «خيانة وتعدٍ، وضد حفظ هذه الآثار باعتبارها وثائق تاريخية حضارية يجب أن نحسن استغلالها، وأقول لهم إنهم إن أفلتوا من العقوبة في الدنيا فإنهم لن يفلتوا من العقوبة في الآخرة، لأن الدولة قد خسرت الأموال، ووظفت الرجال، واشتغلت لحفظ هذه الأدلة التاريخية».
وأكد أن « التعدي على الآثار تعدٍ على ثروات حكومية، وأموال وموروثات شعبية لأهل هذا البلد المبارك، وأقول لمن يعتدون على الآثار احذروا أن تقعوا في ذنب وأنتم لا تشعرون، خصوصاً أن الجهات الحكومية تعمل جاهدة لحفظ هذا التراث وتنقيته».
ونصح الشيخ المطلق من يعبثون ويتعدون على الآثار بالمساعدة في حفظ هذه الآثار، وقال: «أدعوكم إلى أن تتبصروا، وأن تتعقلوا، وتكونوا عوناً لإخوانكم في حفظ هذه المكارم والأدلة التي هي من مفاخر هذه البلاد، فكل بلاد تفخر بآثارها وتستغلها في العظة والعبرة، وقدم التاريخ، وحفظ سجلات الحضارة».