|
بقلم - ماثيو إي ماي :
لا شكّ في أنّ الفكرة القائلة إنّ الحدود والقيود قادرة على إنتاج سيل أفكار غير مقيّد أو محدّد مليئة بالتناقضات، ولكن لو تمعّنّا أكثر في الآليات الكامنة لدى مواجهتنا للعقبات لرصدنا القيود التي تشجِّع على الإبداع بدلاً من أن تحدّه.
وتقوم نقطة الانطلاق على الإقرار بأنه على الرغم من أن عدداً كبيراً من النشاطات التي تُعتبر في العادة مبدعة، بدءاً بالفنون ومروراً بالنشاطات الرياضية، تبدو حرّة بطبيعتها، يكون في الواقع بعيداً كل البُعد عن الحرّية؛ وينطوي كلّ منها على مجموعة من القيود التي تنعكس على الأداء.
ولنأخذ مثل الكوميديا المرتجلة؛ حيث نرى أنّ الجمهور هو الذي يحدد القيود الأساسية، عن طريق إطلاقه اقتراحات حول مواضيع محتملة لمسرحيات هزلية، يؤديها الممثلون على المسرح. وفي مرحلة لاحقة يؤدي الممثلون أدوارهم من دون أي تخطيط إضافي، وتنشأ المسرحية بفضل قاعدة سهلة تفيد بأنه من الضروري أن يتقبَّل كلّ ممثّل الأمور التي يعطيه إياها زميله الممثل، ومن الضروري أن يضاف كل سطر يصدر عنه إلى السطر الذي سبقه.
إنه عائق مرهق فعلاً؛ لأنه ليس بإمكانك أن تستعد أو تتمرن، أقله ليس بالمعنى التقليدي، فيقوم خيارك الوحيد على البقاء متنبهاً لكل ما يحصل على المسرح. ومع ذلك، تخلق هذه القاعدة إمكانيات لا يمكن تعدادها، وتُعتِق الممثلين ليكونوا حتّى أكثر إبداعاً من قبل.
تطرَّقت البحوث الأكاديمية بدورها إلى هذه الظاهرة. لقد أثبتت دراسة أجراها قسم علم النفس الاجتماعي في جامعة «أمستردام» في العام 2011 أن العقبات الصعبة قد تحثّ الناس على الانفتاح الذهني، والنظر إلى «المشهد الكبير»، والربط بين أمور لا تكون الصلة واضحة فيما بينها، وهي قدرة تُطلق عليها الدراسة تسمية «المعالجة العالمية» التي تُعتبر أساساً للإبداع.
يكون العائق أو الحاجز الذكي حافلاً بالضغوط الإبداعيّة، بِغضّ النظر عن كونه يتمثّل في مشكلة واضحة المعالم («كيف يمكننا أن نعمل في آن على خفض المخزونات والطلبات غير المنجزة؟)، أو هدفاً حافلاً بالتحديات. ويزوّد العائق الذكي العمل الإبداعي بالمعلومات، من خلال تسليط الضوء على آلية تحديد الصلاحيات التي يمكن أن يتحرَّك الناس في سياقها، والتي توجّه هذا النشاط، وليس فقط عن طريق الإشارة إلى الفكرة الواجب متابعتها، ولكن ربما، والأهم من ذلك، إلى الأفكار التي ينبغي تجاهلها.
أما السؤال المُلحّ الذي يُطرَح على المديرين فهو الآتي: هل تسهم العقبات في صدّ جهودك أو تشجيعها في مجال الابتكار؟
(ماثيو إي ماي مؤلف كتاب «قوانين الطرح: ست قواعد سهلة للفوز في عصر الإفراط الشامل» The Laws of Subtraction: 6 Simple Rules for Winning in the Age of Excess Everything، كما أنه يلقي محاضرات ويقدّم استشارات لشركات من بينها «تويوتا» وموقع Edmunds.com و»إنتويت» و»إيه دي بي»).