شكلت الصحافة الإلكترونية أواخرالتسعينات من القرن الماضي ظاهرة إعلامية جديدة.. ارتبطت بعصر ثورة تكنولوجيا الاتصال والمعلومات.. وأصبح المشهد الإعلامي مفتوحاً على فضاءات واسعة سهلة وسريعة مما أحدث نقلة نوعية بالغة الأهمية في شتى المجالات وجميع نواحي الحياة حتى عبارة (لمزيد من المعلومات تجدونها في موقعنا على شبكة الإنترنت) فرضت نفسها على بلاط صاحبة الجلالة الصحافة الرقمية..
وهو ما يعني امتداداً جديداً ومغايراً في سرعة وحرية نقل الخبر والقدرة على تخطي الحواجز الأمنية والحدود الجغرافية بيسر وسهولة.. فهل بدأ العد العكسي للصحف الورقية يطفو على السطح وهل يمكن أن تحل الصحافة الإلكترونية يوماً ما محل الصحافة المطبوعة بما تتيحه من خيارات أمام جمهور القراء حيث تَعدُد منافذ الأخبار والقدرة على التجدد المستمر على مدار الساعة..؟
رغم حداثة الصحافة الإلكترونية إلا أنها استطاعت بمرونتها وسرعة مواكبتها للحدث..والسبق في نقل الخبر والقدرة على تجاوزالمكان والزمان وهامش الحرية المقيدة أن تستقطب جمهوراً من المتابعين لا يُستهان به على اختلاف أذواقهم وتعدد ميولهم..
فورة الصحافة الإلكترونية وتسيدها على المشهد الإعلامي رغم ما يرافقها من سلبيات شكلت ملامح جديدة لإعلامٍ مختلف لم نعهدْه في السابق.. وظهر مفهومٌ جديد يمكن أن نطلق عليه (صحافة القارئ) مفهوم حررالقارئ من كونه متلقياً سلبياً تنتهي مهمته بمجرد القراءة ليصبح جزءاً فاعلاً في العملية الإعلامية من خلال تعليقٍ على خبر أو محاورٍ أو حتى مُصَدِر لمعلومة ما دفع الكثير إلى العزوف عن متابعة الصحافة الورقية بعد أن كانت سيدة الشارع.. وخبز القارئ العاشق لتأبطها في كل مكان تارة في المكتب وتارة في المنزل..يجد المتعة في تقليب صفحاتها متابعاً لحدث..قارئاً لخبر أو ناقلاً لمعلومة مستأنِساً احتساء قدح من الشاي أو فنجال من القهوة وهو غارقٌ في متابعة ما تجودُ به مفضلته الورقية.. ورغم العولمة التي حولت العالم من كونٍ كبيرٍ مشتت بتواصله إلى قرية صغيرة ورغم التميز الحضاري الذي وصل إليه العالم في مجال التقنية الرقمية بصحفها ومجلاتها ومدوناتها التي قد تُغني عن الصحف التقليدية والمطبوعات الورقية.. إلا أن ذلك خلق إشكالية انبثقت عنها فجوة كبيرة اخترقت المجتمعات بشكلٍ عام.. وأحدثت انقساماً في طبقة المثقفين والمتابعين.. طبقة تحاكي العالم بكل تطوراته المعلوماتية والفكرية.. وبالتالي تدعو إلى تعزيز مكانة الصحافة الإلكترونية.. فهو يرى بأن الصحافة الورقية باتت تشهد تراجعاً في ظل سطوع نجم الصحافة الإلكترونية.. وطبقة أخرى لا تعول كثيراً على الصحافة الإلكترونية فرغم مايميزها إلا أنها لا زالت تفتقد مصداقية الخبر.. وأنها فقط مجرد وسيلة للنشر وجمع النصوص والمقالات والأخبار بشكلٍ مجرد من الإبداع.. لذا فهو يعتبر أن المطبوع أعمدة توثيق يبقى تأثيرها في الذاكرة.. وأن الصحافة الرقمية بكل استخداماتها المتطورة لا يمكن أن تأخذ مكانة وإطلالة الصحيفة الورقية في عقل وفكرالقارئ.. أما الطبقة الثالثة وربما تكون محدودة لكنها ترى أن هناك تنافساً قائماً مابين الصحافة الرقمية والصحافة الورقية.. خلاصة القول:الصحافة الورقية لا زالت وستظل متميزة بامتلاك الكتاب والمفكرين وصناع الرأي.. بينما الصحافة الرقمية تمتلك السبق الصحفي وسرعة تغطية الأحداث.. وأن العلاقة التنافسية بين الإثنتين ليست علاقة إلغاءٍ أو إقصاء.. وإنما هي علاقة تكامل وتنافس لصالح القارئ والرأي العام وتبقى قضية الميل إلى هذه أو تلك متباينة بين الفئات المجتمعية.. ويبقى من يعشقالصحافة الرقمية مرتبطاً بها متواصلاً معها فهو يرى فيها صوته المعبر.. أما المتطبع على قراءة ومتابعة مختلف أنواع الصحف الورقية يظل منحازاً لها.. راغباً لرائحة الورق والحبر.. هاوياً لتقليب صفحاتها شغوفا بقراءة سطورها ولو على ضوء شمعة.
zakia-hj1@hotmail.comTwitter @2zakia