مع أن التصوير الفوتوغرافي واختراع الكاميرا جاء بعد سنين طويلة من وجود الفنون التشكيلية بمختلف سبل تنفيذها ابتداء من الرسم على جدران الكهوف في العصر الحجري مرورا بالجرافيك واستخدام سبل الطباعة من حجر وخشب وخلافها وصولا إلى اللوحة الزيتية مع ما تبع ذلك من فن النحت التي أخذت بكل روافدها مكانتها المرموقة في عصر النهضة لتسجيل المناسبات ورسم الشخصيات والتعبير عن واقع الحياة بيئة وما عليها من مخلوقات،ورغم ما اصبحت عليه الصورة الفوتوغرافية اليوم من تأثيرا ومنافسة وتحقيقا للأهداف وتوثيقا لكل الإحداث وبتقنيات عالية تجاوز فيها هواة ومحترفي التصوير أزمات التحميض ومشاكل الـ(asa) أو ما يطلق عليه حساسية الفلم إلى تكنولوجيا الديجتل والصورة الرقمية فأصبحت ممارسة التصوير سهلة للصغير والكبير في كل مكان أو زمان عبر كاميرات احترافية أو كاميرا الجوال التي تمكن المصور من مراجعتها واكتشاف عيوبها لحظة التقاط الصورة، ومع ما للصورة والمصورين من حضور إعلامي طاغ، أغناهم عن الحاجة لمكان للعرض كما هي حاجة الفنون التشكيلية،لسهولة تواصل نشر الصورة من موقع الحدث في وسائل الاعلام أو من خلال اجهزة الهواتف الذكية أو المواقع الالكترونية أو الايميلات التي تمكن ملتقط الصورة الثابتة أو المتحركة بتقنيات الفيديو من بثها الى كل الاعين.
لهذا لم يكن مستغربا الاقبال على معرض(الوان السعودية) الذي اقيم بمركز الرياض الدولي للمؤتمرات والمعارض واستمر خمسة ايام، لامور كثيرة من ابرزها قرب الصورة من الواقع ونقلها المشهد كما هو، مع ما يضاف اليه من قدرات المصور وتمكنه من وسيلة ابداعه (الكاميرا) و بما أتيح له من تدخل ومعالجات ببرامج متخصصة في هذا الجانب، هذا القرب وما يشعر به كل من يتعامل مع الكاميرا مدعاة للحضور، فالكل هنا محبون ومستخدمون و(حاملون) للكاميرات، وفرصة للمقارنة بين ما يقومون به وما يتم عرضه والبحث عن التمييز بين قدراتهم وقدرات من قبلت أعمالهم في المسابقة، اما الجانب الاهم فهو ندية الصورة ومنافستها لـ(الكلمة) المكتوبة اخبارا أو توثيقا لتاريخ، فالصورة ابلغ واسرع وصولا الى العقل دون حاجة لمترجم أو مفسر.
ومع ذلك فهناك قواسم مشتركة وفوارق ايضا، بين المصور الفوتوغرافي والفنان التشكيلي، أوجدت نوعا من المنافسة، ونعني بها الفكرة التي تتضمنها الصورة وكيفية وزمن التقاطها وابعادها الفلسفية، خصوصا اذا استثنينا ما يتعلق بالتوثيق، وتعاملنا مع حداثة التعبير والبحث عما يثير الدهشة ويثير ملكات الجمال، كما هي اللوحة التشكيلية، فالصورة المتكررة التي اعتدنا رؤيتها حتى لو اختلفت زوايا التقاطها لن يكون لها قبول أو اعجاب، بعكس عالم الفن التشكيلي المتعدد في سبل الابداع، من نحت ورسم وتصوير زيتي اضافة الى التعامل بالصورة المتحركة لتكوين ابداع مفاهيمي من خلال الصورالثابتة بإعادة تشكيلها أو بالفيديو ارت، ما منح الفنون التشكيلية سبلا اكثر في ادوات واشكال التعبير، اضافة الى خصوصية الاعمال التشكيلية التي لا يمكن تكرارها أو النسخ منها، حيث تصبح اللوحة المستنسخة اقل قيمة من الاصل بينما الصورة هي في الاصل قابلة للتكرار والاستنساخ.
أختم بالقول ان ما تحقق للصورة والفوتوغرافيين حق لا يمكن اغفاله استحق الاعجاب..
monif.art@msn.comفنان تشكيلي