|
متابعة - محمد المنيف:
الرهان على النجاح أو الفشل يحضر كتوقع أول في خيال المشككين في قدرات غيرهم، أمام أي مشروع أو إنجاز فردي كان أو جماعي فكيف إذا كان يتعلق بالثقافة والإبداع، يمتزج فيه الخوف بالتفاؤل.. ورغم أن لكل منهم مبرراته، إلا أن الخوف سمة عامة عند المبدعين في كل تخصصاتهم، من ألا يجد أي من مشاريعهم الفردية والجماعية القبول من المجتمع، خصوصا إذا كان المجتمع لا يمتلك الوعي بمثل هذا المنجز الإنساني، ويراه أفراده فعلا جديدا مختلفا عما تعودوا عليه، لضيق أفقهم أحيانا، أو بناء على قالب وضعوا فيه، (دينيا أو تقاليد اجتماعية) مع أن كلا الأمرين لا يرفضان أي فعل لا يتجاوز حدودهما.
الخطوة الأولى لتأسيس جمعية التشكيليين نموذجا لمثيلاتها من الخطوات الجديدة في مجال الثقافة التي أوجدتها مظاهر الحضارة المعاصرة التي تمر بها بلادنا في مختلف العلوم والمنجزات المحسوسة والمرئية لم تخلُ من الخوف كما يقال (ومن الحب ما قتل) من جانب التشكيليين في الشكك بأنها لن تنجح أو أنها لن تحقق أهدافها التي أسست من أجلها في وقت أصبح فيه الفن التشكيلي مبعثرا، لكن هذا الشك في الوقت نفسه أمر إيجابي، يحدث في أي حراك ديموقراطي.
عصامية وتحد للظروف
مرت جمعية التشكيليين في سنتها الأولى على الكثير من الانتقادات وهذا أمر طبيعي والقبول به دليل على قناعة المسئولين فيها بديمقراطية الطرح وقبول الآراء وغض الطرف عن الأخطاء التي يعلم الكثير أنها خالطت الاجتهاد، وجاء قبولها أيضا كونها أتت من بعض من المؤسسين للجمعية ومن أصحاب خبرات وتجارب، لم يدركوا في ذلك الوقت ما تواجهه الإدارة ومن يقوم عليها وما وجدت نفسها فيه من مواقف صادمة، لم يكتشفها الآخرون إلا بعد أن ذهبت (سكرة ونشوة) التأسيس إلى (الفكرة) أو اليقظة بأن جمعيتهم مستقلة ماديا وإداريا وهو الشرط الذي وجدت فيه وزارة الثقافة والإعلام ما يضمن عدم تحملها لأي تبعات فوافقت على إقرارها.
ومع ذلك استطاعت الجمعية أن تتجاوز تلك المرحلة نحو مساحة من التفكير والتحرك والبحث عن حلول، فكان منها أن لبت رغبات التشكيليين في بعض المناطق ممن لهم تاريخ ودور فاعل في الحراك التشكيلي، بفتح فروع للجمعية في تلك المناطق أو المدن، منها (جدة ومكة والمدينة والرياض وأبها، الطائف) إضافة إلى بعض المناطق الأخرى والمحافظات، منها الجوف والدوادمي، تساهم بقدرات المسئولين في إدارتها بما يمكن اعتباره نجاحا لهم ودعما لجمعيتهم الأم أمام من راهنوا على فشلها، وموقفا مشرفا أمام عقوق من يعنيهم أمرها، وبعصامية وإمكانات متواضعة نافست مؤسسات مماثلة، بعد أن تحرك فرعها في مكة الذي شكل فيه مجلس لأعضاء الشرف، ضم أسماء هامة لها قدرها ومكانتها وقدرتها على دعم الفرع، مع ما قام به الفرع من جهود في إقامة أنشطة ولو بجهود خاصة قادها الفنان صديق واصل مع بقية أعضاء إدارته، كما قام فرع المدينة أيضا بمساهمات مشابهة من ورش تدريب ومشاركة في إقامة معارض للفنانين بإدارة الفنان منصور الشريف وبقية زملائه في الفرع تبع ذلك الإعداد الحالي لبقية الفروع في أبها وفي الجوف وفي الدوادمي والطائف، إضافة إلى الإعداد لإصدار موسوعة الأجيال التشكيلية بما تؤمله من دعم ممن لديه ميل وقناعة بهذا الفن، مع ما يعد من موقع على الإنترنت بمبادرة من عضو الجمعية جلال الطالب مدير صحيفة الخليج وإقامة معرض لتسويق أعمال الفنانين.
مصدر فخر واعتزاز
يكفي الجمعية السعودية للفنون التشكيلية بعد إقرارها والموافقة على لائحتها رسميا أنها المعنية بالفن التشكيلي في المملكة وأن تفخر بمنح التشكيليين البطاقة الرسمية كوثيقة تؤكد انتماءهم لهذا الفن شأنها شأن بقية الجمعيات والنقابات والاتحادات التشكيلية أو أي جهة مماثلة في مختلف الدول بعد افتقار التشكيليين لهذه البطاقة سنوات طويلة وإدراج عضويتهم سابقا ضمن لجنة أو قسم في مؤسسة ثقافية.
مساهمات ودعم المؤسسات حكومية
لم يجد الزملاء في الفروع صعوبة في تعاون المؤسسات الحكومية فكانت مبادرات المكتبة العامة في مكة التي يديرها الأستاذ خالد الحربي وبما عهد منه من وطنية لجعله المكتبة حضنا لفرع التشكيليين في مكة، مع ما يحمله أيضا الأستاذ مرضي الكويكبي مدير مكتبة الجوف العامة من وطنية مماثلة ودعم لأبناء الوطن، واستضافته لفرع الجوف، وما حظي به فرع الدوادمي من موقف غير مستغرب من مدير الفرع الفنان أحمد الدحيم في الدوادمي بتقديم منزل يملكه أطلق عليه «بيت التشكيليين» المقر الذي ضم جماعة الدوادمي وما زال.
الفروع للجمعية في فضاء المنافسة
بهذا التحرك وبهذا الحجم من الطموح في فروع الجمعية مهما كان حجم عطائها، يعد مؤشرا للأجمل في قادم الأيام، أصبح دور المركز الرئيسي ومجلس الإدارة إشرافيا لهـا وداعما في حال حصوله على أي دعم أو رعاية، وأصبحت الفروع كالأجنحة التي تحلق بالجمعية إلى مصاف المؤسسات التي تمارس فعاليات تشكيلية، مع أنها لا تمثل الفن التشكيلي كما تمثله الجمعية حاليا، بشكل مباشر طبقا لاسمها وتخصصها في الفن التشكيلي عكس موقعه في تلك الجهات التي يتبع هذا الفن إدارات فرعية فيها أو قسم أو لجنة.