فاز الخلوق (الجنتلمان) أحمد عيد بمنصب اول رئيس اتحاد كرة سعودي منتخب, وبقدر كون رئاسته للاتحاد بالانتخاب بمثابة الدعم والتحفيز والثقة والقوة, فهي في الوقت ذاته تمثل مرحلة مفصلية لمهمة صعبة في توقيت أصعب تعاني فيه الكرة السعودية تراجعا مخيفا, تحتاج لجهود مضاعفة وعمل جاد من كامل المجلس واللجان والأجهزة التابعة له..

أمام عيد والمجلس الجديد قضايا معلقة وملفات معقدة, ومن خلاله — أي المجلس – إما أن تبدأ الكرة السعودية بإعادة اكتشاف نفسها واستعادة أمجادها وتألقها, وإما أن تزداد انحدارا وتدهورا فنردد معها (راحوا الطيبين), وإن كنت شخصيا متفائل بنجاحه لعدة أسباب أبرزها وأهمها أن تشكيلة الاتحاد تضم أسماء لها حضورها وخبراتها, كما أن المجلس سيعمل باستقلالية وتحت متابعة ومراقبة ومحاسبة الجمعية العمومية, إلى جانب أن الكرة السعودية مرت في السنوات الأخيرة بتجارب مختلفة ومتفاوتة انتهت إلى ما نحن عليه الآن, الأمر الذي سيجعل الأمور الفنية وكذلك الإدارية واضحة مكشوفة ومفهومة ومقدور على تشخيصها ومن ثم إمكانية حلها..

بالنسبة لي, ومن أجل تفعيل دور الجمعية العمومية للاتحاد يجب ألا تنتهي مهمتها عند يوم الاقتراع لاختيار رئيس وأعضاء مجلس إدارة الاتحاد وإنما تبدأ من الآن, لذلك فهي مطالبة بمتابعة أداء المجلس وفي مقدمته الرئيس وتحديدا فيما يتعلق بوعوده ومشاريعه التي أعلن عنها في برنامجه الانتخابي والتزم بتحقيقها في حالة فوزه, وهذا لا يعني تجاهل ما لم يرد في البرنامج الذي أراه ناقصا من جهة ومبالغا فيه من الجهة الأخرى..

المعمر نجاح آخر

عن خالد المعمر لم أجد أبلغ وأدق وصفا لعدم فوزه مثل عنوان الجزيرة في اليوم التالي للانتخابات (اتحاد الكرة يكسب عيد ويخسر المعمر), أبو محمد كان دائما في سدوس ثم الهلال وأخيرا الشباب من الإداريين القلائل الذين يملكون (كاريزما) القبول ومؤهلات النجاح, يتعامل في إدارته ورؤيته مع عقله وواقعه وليس مع عاطفته وأحلامه..

في الأفراح والأتراح وفي الإنجازات والأزمات وفي كل محطاته الإدارية, وفي عز المواقف المستفزة والحروب الكلامية والاتهامات المزعجة ظل هادئا حكيما عقلانيا ينأى بنفسه عن الدخول في سجالات عقيمة ومهاترات سخيفة, وهذا ما ساعده على العمل بإتقان وإبداع بمعزل عن الضغوط الجماهيرية والإعلامية, حتى في فترة ما بين ترشحه وموعد الاقتراع وأيضا بعد خسارته لم يصدر منه أية ردود أفعال ساخطة غاضبة, على الرغم مما قيل عنه وفبرك على لسانه..

شكرا خالد المعمر على مبادرتك في الترشح والتي كانت السبب الأول والأخير والمحرك القوي والفاعل لنجاح الانتخابات, شكرا لرقيك ووعيك وثقافتك وسمو أخلاقك, ثق أنك لم تخسر وأتمنى كذلك ألا نخسر بهاء وسخاء وجمال وكرم حضورك..

ومن التعصب ما جهل

إذا كانت انتخابات اتحاد الكرة قد حققت إلى حد كبير نجاحا في أسلوبها وطريقة إدارتها وتنفيذها فهي كذلك كشفت حقيقة ومستوى وعقلية وثقافة بعض الإعلاميين, وقصور فكرهم وتفكيرهم وفهمهم لمعنى الانتخابات وكيفية التعامل معها, قلبوها تعصبا وكأنها مباراة بطولة بين ناديين, وكما تلاحظون نحن نتكلم عن إعلاميين في مطبوعات وقنوات تلفزيونية وليس عن مشجعي مدرجات أو تويتر أو منتديات..

مثلما يرون أن حب النادي والتعصب له لا يتحقق بمناصرته والوقوف معه والدفاع عنه فقط وإنما بالنيل من منافسيه والتطاول عليهم وشن الحروب ضدهم, فقد طبقوا المبدأ نفسه ضد المترشح لرئاسة اتحاد الكرة خالد المعمر, حيث لم يكتفوا بشتمه والإساءة له ولتاريخه بل شككوا وصادروا عليه حقه في الترشح, وإنه من المفترض ألا ينافس أحمد عيد وأن يتركه وحيدا يفوز بالمنصب بالتزكية, وكأنه في ممارسته لهذا الحق ارتكب جريمة تستدعي معاقبته وطمس تاريخه ومصادرة نجاحاته..

إعلام فج كهذا هو من يشكل الخطر على ذائقة وسلوك وتفكير وتربية وثقافة الجيل الرياضي الناشئ, ويفسد رقي وحيوية الانتخابات ومنافساتها الشريفة, وهو من يشوه صورة مجتمع الرياضة والرياضيين, ويعرقل خطوات التطوير, وينقل أجواء إثارة وجمال وإمتاع وإبداع الكرة إلى أخرى متأزمة مشحونة متوترة تعج بالغوغائية ويسودها الاحتقان ولغة الإقصاء والإيذاء والضغينة..

خطر.. أمامك النصر!

قلتها قبل فترة في تويتر: (ابتعد المفسدون وتركوا الأمير فيصل بن تركي في حاله فعرف النصر طريق النصر), هذا بالضبط ما صرنا نلمحه في النصر الجديد, في تعاقداته واستقراره وغياب المرجفين المحبطين عن مشهده, والآن عرفنا لماذا كان الأمير فيصل يطالب بعض الشرفيين بدعمه ودعم النصر بسكوتهم..

الأكيد أن قدوم المدرب كارينيو نقل النصر إلى مرحلة عطاء وأداء مختلفة, وأضاف له الكثير من الملامح الفنية والانضباطية التي افتقدها الفريق الأصفر سنوات طويلة, وبموجبها ارتقى وتطور وملغيا نظرية التآمر عليه وأوهام محاربته, توفرت له الأجواء النفسية والتنظيمات الإدارية والأدوات الفنية فتفوق على منغصاته قبل أن يتفوق على خصومه, أمام الأهلي أثبت أنه بلغ من النضج مستوى يؤهله للحصول على بطولة كأس سمو ولي العهد, وعلى غيرها من البطولات بما في ذلك الدوري وكأس الاتحاد العربي..

إذا كان نصر اليوم سيشكل خطرا على بقية الفرق فإنه بالنسبة للكرة السعودية ولجماهيرها يعد خبرا سعيدا ومبهجا طال انتظاره..