لعلنا مقبلون على جيل متوتر، هكذا أتخيل وأنا أقرأ للكثير من المغردين في عالم (تويتر).

قبل أن أجول معكم في هذا العالم مشدود الأعصاب دعونا نتعرف على معنى التوتر في اللغة التوتر: هو الشد، وورد في لسان العرب أوتر القوس بمعنى شدها والوتر هو شرعة القوس، ويقال توتر عصب فلان أي اشتد فصار مثل الوتر وتواترت الأشياء أي جاءت بعضها في اثر بعض.

الشد إذاً هو التوتر، ومن غرائب الصدف أن يكون هذا العالم التواصلي قريباً في اسمه من هذه الحالة التي تسيطر على الكثير ممن يكتبون ويناقشون في ساحات (تويتر)!

المتوتيرون المتوترون فئة من المغردين يسعون لإثبات وقائع وأحداث توافق أهواء في أنفسهم حتى ولوكانت بعيدة كل البعد عن الحق والحقيقة، يكتبون بلغة الواثق المطلع، ويثنون على كلام آخرين بلغة تويتر (تويت).

يقول في الدين والسياسة والفن والرياضة والفضاء بل وفي النووي والنانو، وكل ما يخطر على البال وما لا يخطر، وإن قدر الله عليك وفتحت معه باب النقاش فسريعاً ما تظفر بلقب جديد، وذلك حسب موضوع النقاش، منافق،متزلف، عميل،ليبرالي،سلفي، علماني،او أي لقب يتوافق وموضوع النقاش.

مشكلة هذا العالم أنه مفتوح للجميع فلا عبرة بالتخصص ولا بالمستوى الثقافي ولا العمري، بل ولا العقلي، فقد تجد معتوهاً يناقشك بل ويناقش كبار المفكرين والعلماء وإذا لم يردوا عليه أخذ في الشتم والسب واللعان.

متوتيرون..متوترون، سمتهم الغالبة الهجوم قذفاً وغيبة ونميمة، أقرب كلمة عنده (منافق) يخلعها على كل من قال كلمة حق في قيادته أو وطنه، كما أن كلمة (مصلح) تخلع على كل من خالف رأي القيادة وكبار العلماء، أن تكون من الداعين لولي الأمر ولعلماء الأمة فأنت بلا شك امعة مسكين! مسير لا مخير، تريد الدنيا ولن تظفر بشيء!

متوترون دوماً يعيشون حالة إفلاس فكري بل أقل من ذلك لفظي، ألسنتهم لا تعرف اللفظ الجميل، وقلوبهم لا تكن إلا الحقد والحسد، حتى وإن ادعوا خلاف ذلك.

هؤلاء أقل ما يقال عنهم في قلوبهم مرض، يعيشون حالة ارتباك دائم وخوف مستمر من لا شيء!

سبرت حالات بعضهم فوجدتها حالة مرضية نفسية خطيرة، تحتاج لعلاج مجتمعي يخرجهم من حالتهم هذه ليعيشوا واقعهم ويتعايشوا مع من حولهم دون وجل ولا توجس. يقودهم إلى هذه الحالة المتوترة حالة قد نسميها فساد تصور وظلامية رؤية، فكل ما حولهم يتصورون أنه فاسد، وكل من أمامهم تكتسيه سحابة داكنة من الظلام النفسي ليس إلا.

هذه الفئة من المتوترين قد تجد فيهم من يحمل مؤهلاً علمياً رفيعا وقد تجد منهم شبه الأمي، ولكنهم في طرحهم ورؤيتهم يقفون على بعد واحد من الجهل والسطحية، كما أنهم يعيشون نفس الحالة المتوترة الموغلة في المرض النفسي المغلف في بعض حالاته بغلاف الحسد والكراهية.

هؤلاء المتوترون المغردون منهم من يكره أي شيء يتصل بالدين، ومنهم من يكره أي شيء متصل بالوطن، ومنهم من يكره أي شيء متصل بالتحضر والتقدم، جامعهم الأوحد خطأ المنهج.

اللهم لا تجعلنا من المتوترين، واجعلنا من المغردين كأجمل ما يكون التغريد صوتاً نافعاً للدين وللوطن.

والله المستعان.