من يتابع الإعلام الغربي سيقرأ كثيراً عن الجانب الصحيح، والجانب الخاطئ من التاريخ، إذ يتم تصنيف الأفراد والجماعات والدول عطفا على ذلك، فمن هو الذي يقرر ما إن كان موقفك صحيحا أو خاطئا؟، هل هي المبادئ السامية، والقيم الأخلاقية الرفيعة، أو شيئا آخر لا علاقة له بذلك؟، ثم عطفا على ماذا يتم التقييم؟، وهذه أسئلة مشروعة لمن أراد أن يعرف عما إن كان موقفه على هذا الجانب أو ذاك.
يقول لنا الإعلام الغربي الآن إن تنظيم القاعدة يقف على الجانب الخاطئ من التاريخ، ثم عندما تذكرهم بأن ذات التنظيم كان حسب تصنيفهم -هم ولا أحد غيرهم- كان يقف على الجانب الصحيح من التاريخ قبل عقدين فقط، أي عندما كان يقاتل الروس في أفغانستان، لا تظفر منهم بأي إجابة، إذ المهم أن تعلم أن القاعدة هي العدو المبين، وإن ألححت بطلب الجواب، فإنك حتما ستتهم بدعم القاعدة، والإرهاب، وبأنك تقف على الجانب الخاطئ من التاريخ، وهذه تهمة لا تبتعد كثيراً عن تهمة عداء السامية، والتي يتم إلصاقها بكل من يتجرأ على قول الحق فيما يتعلق بالنزاع العربي الإسرائيلي، وغالبا لا أحد يريد أن يوصم بهذه أو تلك، ولذا تجده يستخدم التقية في مواقفه خوفا من أن يتهم بأنه على الجاني الخاطئ من التاريخ!.
كان رئيس مصر السابق حسني مبارك يقف على الجانب الصحيح من التاريخ لمدة ثلاثين عاما، ثم فجأة تم إعلان الإطاحة به من قبل اللواء عمر سليمان -والراجل اللي وراه- في ليلة ينتظر تفاصيلها كل مؤرخ محترف، وهي بالتأكيد تفاصيل مثيرة، وبعد ذلك توفي سليمان، أو اغتيل، ولا تهم التفاصيل هنا، فما يهم هو أنه كان يجب أن يرحل، لأنه أصبح يقف على الجانب الخاطئ من التاريخ، تماما كما رئيسه السيد حسني مبارك، ثم تولى تنظيم الإخوان المسلمين حكم مصر لأنهم يقفون على الجانب الصحيح من التاريخ، وهم الذين كانوا يقفون على الجانب الخاطئ منه منذ ثمانين عاما، وحصل ذات السيناريو مع الرئيس علي عبدالله صالح، ومعمر القذافي، وزين العابدين بن علي، وقريبا بشار الأسد، لأنهم أصبحوا يقفون على الجانب الخاطئ من التاريخ، وحان الوقت لاستبدالهم بمن يقف على الجانب الصحيح من التاريخ، وإياك أن تسأل عن سبب تبادل الأدوار هنا، فمن يقرر كيفية الوقوف من التاريخ، وتوقيته لا يرغب في الحديث عن تفاصيل من هذا النوع، إذ ما عليك إلا أن تنصاع، وتقف على الجانب الصحيح من التاريخ!.
وبناء على كل ما سبق، فإننا نحذر كل من يعتقد بأنه يقف على الجانب الصحيح من التاريخ بأن يتأكد من أنه كذلك، فلربما يصبح قريبا من الواقفين على الجانب الخاطئ منه، خصوصا وأن التصنيف يتغير بسرعة متناهية، ولا يتغير حسب المبادئ والقيم النبيلة، بل حسب المصالح، والمصالح فقط، وأخيرا، تأكد بأنك على تقف على الجانب الصحيح من التاريخ!.
ahmad.alfarraj@hotmail.comتويتر @alfarraj2