المناخ السياسي والأمني وحتى الاقتصادي في المنطقة لا يسمح لدول مجلس التعاون بمزيد من التفكير أو التأني أو التردد في إقرار ما دعا إليه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبدالعزيز من تسمية جديدة لمجلس التعاون، بحيث يصبح مسماه دول مجلس الاتحاد لدول الخليج العربي، على أن يصاحب التسمية الجديدة الكثير من القرارات التي تنسجم مع هذه النقلة التاريخية لهذا الكيان، وأن تصب هذه الخطوة وقراراتها في مصلحة تكثيف التعاون على نحو ما هو معمول به في الاتحاد الأوروبي، حيث إن أي تأخير أو إبطاء في إقرار ذلك إنما يؤثر سلباً على ما أنجزته منظومة الدول الخليجية على مدى سنوات منذ قيام مجلسها.
***
وليس مصادفة أن يصغي المجلس لصوت عبد الله بن عبد العزيز داعياً وحاثاً إخوانه القادة إلى تحمُّل مسؤوليتهم التاريخية في خدمة دولهم وشعوبهم من خلال رفع سقف التعاون بين دول المجلس إلى المرحلة التي تلبي تطلعات مواطنينا وتستجيب لطموحاتهم مع ولادة مجلس الاتحاد الذي سيمثل مرحلة غير عادية في تأمين مستقبل دول المجلس وحمايتها من أي اختراقات خارجية قد تضر بمصالح وأمن وسلامة شعوبها.
***
على أنَّ مثل هذه الخطوة - إن قدِّر لها أن تتحقق - لا يشكِّل إنجازها تحدياً لدول الخليج العربي، أو رهاناً على قدرتها في إقرارها، وإنما تأتي لتفوت الفرصة على كل من يستغل هذه الفوضى العارمة التي تسود استقرار بعض دول العالم - وتحديداً الدول العربية- لتمرير السيناريو نفسه على دول الخليج، لإغراقها بأشكال من الفوضى ومن ثم الحيلولة دون تمهيد الطريق نحو مولد مجلس الاتحاد المنشود.
***
على أن قيام الاتحاد لا يعني المساس بأنظمة أي من دول المجلس وشأنها الداخلي وسياساتها القائمة، وإنما سوف يفضي قيامه إلى مزيد من الشراكة وكثير من التعاون والتفاهم بأكثر مما يلبيه المجلس باسمه الحالي وبصلاحياته المعتمدة، وسيكون إنجاز الاتحاد نافذة للانفتاح على العالم بتوجه وفكر ورؤى يتم الاتفاق عليها ضمن سياسات مبرمجة يكون التفاهم بين القادة مسبقاً عليها، ما يعني أننا أمام تنظيم أكثر وتفاهمات أعمق، وقراءات سليمة لمستقبل مزدهر لدولنا ومواطنينا في ظل عالم يموج بالصراعات والمؤامرات مع غياب الحلول والمعالجات الناجحة لها.
***
وإن الأمل لجد كبير في أن نرى في القمة الخليجية، بانعقادها اليوم في أرض مملكة البحرين، بارقة أمل ومبعث سعادة لمواطني دول المجلس، وذلك بأن تأتي قراراتها معبِّرة أصدق تعبير عن تطلعاتهم وطموحاتهم، وفي طليعة هذه القرارات التصويت بنعم لقيام اتحاد يعزِّز من القدرات والتفاهمات والشراكات بين دولنا ومواطنيها.