|
الجزيرة - د. حسن الشقطي:
يتباري المحللون هذه الأيام لتوقع أرقام الموازنة التقديرية لعام 2013م، وأيضاً أرقام الميزانية الفعلية للعام المنتهي 2012م، ورغم تقديم كل منهم رؤيته في قالب محدداته الشخصية، ورغم مساعي بعضهم الى التمسك بمعايير متعددة، إلا أن الأمر الذي لا شك فيه هو وجود مؤشر حازم في تحديد كلا الموازنتين، سواء التقديرية للعام الجديد أو الفعلية للعام المنتهي، ألا وهو السعر العالمي للنفط الذي يعد المؤشر الرئيس في صناعتهما. فالسعر العالمي للنفط لعام 2012م يعد محدداً رئيساً لصياغة الميزانية الفعلية لعام 2012م، والسعر لعام 2013م يعد محدداً رئيساً لصياغة الموازنة التقديرية لعام 2013م، وتعد أرقام السعر العالمي للنفط لعام 2012م بمثابة متغير حقيقي ومتاح، وبالتالي فإن توقع الميزانية الفعلية لعام 2012م أمر يمكن التيقن به أو حتى توقعه بدرجة دقة كبيرة. أما السعر للعام 2013م فيعد من قبيل التنبؤات التي يمكن النظر فيها بناء على معطيات معينة.
توقعات الميزانية الفعلية لعام 2012م
ميزانية عام 2012م من المتوقع أن تحرز مستوى تاريخياً جديداً يفوق الميزانيات القياسية التي أحرزها الاقتصاد الوطني في عامي 2008 و2011م، وذلك لتوقع حدوث ارتفاع جديد في الإيرادات النفطية، ويرجع ذلك إلى عنصرين الأول: ارتفاع مستوى الإنتاج اليومي للنفط بالمملكة إلى 9.9 مليون برميل، بمعدل زيادة بنحو 7.6%، والثاني حدوث ارتفاع طفيف في متوسط السعر العالمي للنفط بعام 2012م ليصل إلى 111.7 دولار للبرميل بمعدل زيادة بنحو 0.4%، أي كلا العنصرين يفوق نظيره للعام الماضي، وبالتالي فإن الإيرادات النفطية يتوقع أن تزداد بنسبة في حدود 5%، وبالتالي يتوقع أن تصل إلى حوالي 1084 لعام 2012م، وإذا افترضنا أن الإيرادات الأخرى غير النفطية ستصل إلى حوالي 80 مليار ريال، فإن إجمالي الإيـــرادات الحكومية الفعلية لعــام 2012م يتوقـــع أن يصل إلى حوالي 1164 مليار ريال.
كيف هي توقعات السعر العالمــي للنفــط في عام 2013م؟
للإجابة على هذا التساؤل ينبغي أن نجيب على أكثر من تساؤل: هل الطقس سيكون أكثر برودة أم اقل؟ هل ستنمو الاقتصاديات المستوردة بمعدلات أعلى منها في عام 2012م؟ هل ستظهر مواطن إنتاج جديدة للنفط، تتسبب في زيادة المعروض عن المطلوب؟ هل يمكن أن تحدث توترات دولية جديدة في مناطق الإنتاج الرئيسة تقوض المعروض عن المطلوب؟ هل أزمات الدين الأوربي يمكن أن تتركز تأثيراً جوهرياً على نموها الاقتصادي؟ هل بدائل النفط يمكن أن تثير قلقاً في تخفيض أسعاره؟ هل أسواق النفط الخليجية مؤهلة لمزيد من الاستقرار أم ينالها بعض الاضطرابات في عام 2013م؟
توقعاتي أن العام المقبل يواجه عنصرين رئيسين مؤثرين هما سوء الطقس والمناخ، وهو عنصر يرفع من مستويات الطلب على النفط للتدفئة، ولكن في الوقت نفسه (ولهذا السبب نفسه) قد تكون معدلات النمو الاقتصادي المتوقعة والمنخفضة في العديد من مناطق الاستهلاك العالمي سبباً في توقع تدني مستويات الطلب العالمـــي على النفط، وبالتالي توقع تدني وتراجع مستويات الأسعار العالمية للنفط في عام 2013م.
في اعتقادي أن بناء تصورات للسعر العالمي للنفط في موازنة الدولة لعام 2013م يجب أن لا يقلصه عن مستوى الـ 90 دولاراً، وخاصة أن التوقعات لا تزال تدور حول مستوى الـ100 دولار للعام المقبل.
التنبؤ بموازنة عام 2013م
إذا افترضنا أن صانع القرار تبنى أسلوب التحفظ في تقديرات السعر العالمي للنفط، واعتبره عند مستوى 85 دولار للبرميل لعام 2013م، فإن مستوى الإيرادات الحكومية يتوقع أن يدور حول 850 مليار ريال. وفي ضوء توسعات المشاريع الحكومية وتزايد نطاقها، وخاصة مشاريع البنية التحتية الجديدة، مثل النقل والسكك الحديدية وغيرها، فإن المصروفات الحكومية قد وصلت إلى مستويات لا يمكن النزول عنها، بالتالي فإنه يتوقع أن تتزايد هذه المصروفات لعام 2013م لتصل إلى 750 مليار ريال (في ضوء تقديرات الإيرادات)، وبالتالي يتوقع أن يستمر إحراز الموازنة لفائض قدره حوالي 100 مليار ريال. ولعل هذا التوقع يدور حول استمرار تبني سياسة توسعية، بل إن معطياتها يتوقع أن تزداد عن سابقتها في العامين السابقين.