|
شرفت في الفترة من 7-8 محرم 1434 هجرية بدعوة كريمة من سعادة الدكتور سلمان بن عبد الرحمن السديري لحضور فعاليات منتدى الأمير عبدالرحمن بن أحمد السديري للدراسات السعودية في دورته السادسة في مدينة سكاكا عاصمة منطقة الجوف، وكم أبهرني حسن التنظيم، وحفاوة الاستقبال، وكرم الضيافة، وأسعدني - قبل كل ذلك وبعده - قيمة المشاركين في المنتدى والمستوى العلمي المتميز للأوراق المقدمة.
وهذا المنتدى هو أحد أنشطة مؤسسة الأمير عبدالرحمن بن أحمد السديري الخيرية، تلك المؤسسة التي أنشأها الأمير عبد الرحمن منذ حوالي نصف قرن من الزمان، وتحديدا عام 1383هـ، بهدف تمويل المكتبة العامة التي أنشأها في الجوف، والمعروفة باسم دار الجوف للعلوم، والإسهام في حفظ التراث الأدبي والإرث الحضاري في منطقة الجوف، ودعم النهضة العلمية فيها وأعمال خيرية أخرى، ومنذ ذلك الحين تتولى المؤسسة تطوير خدمات الدار، وتتضمن برامج المؤسسة نشر الدراسات والإبداعات الأدبية، وإصدار مجلة أدوماتو المتخصصة في آثار العالم العربي، وإصدار مجلة الجوبة الثقافية، كما أنشأت المؤسسة مدارس الرحمانية، وكذلك جامع الرحمانية وهو أول جامع على مستوى العالم يتم تكييفه باستخدام باستخدام نظام تبريد طبيعي. وللمؤسسة فرع في محافظة الغاط تم تأسيسه في عام 1424هـ.
ومنذ عام 1428هـ- 2007م بدأت المؤسسة في تنظيم منتدى سنوي للدراسات السعودية ويعقد بالتناوب بين سكاكا والغاط، وتشمل فعاليات المنتدى ندوة تتناول موضوعاً ذا أهمية على مستوى الوطن، يُدعى لها مجموعة من خيرة المتخصصين في مجالها، إضافة إلى إقامة معرض لإصدارات المؤسسة، وتكريم شخصية لها إسهام واضح في موضوع ندوة المنتدى.
وكانت انطلاقة الدورة الأولى لهذا المنتدى في محافظة الغاط في عام 1428هـ - 2007م، بموضوع تناول «الهيئات الخيرية السعودية بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، الآثار وسبل تجاوزها». أما الدورة الثانية (1429هـ - 2008م) فعقدت بمقر المؤسسة في منطقة الجوف وكان عنوانها: «الأزمة المالية العالمية وتداعياتها على الاقتصاد السعودي»، وتم فيها تكريم شخصية المنتدى الدكتور فيصل البشير، الاقتصادي والمخطط الكبير الذي تقلد عدداً من المناصب الاقتصادية في المملكة. وعقدت الدورة الثالثة للمنتدى (1430هـ - 2009م) بفرع المؤسسة في الغاط في مركز الرحمانية الثقافي، وتناولت موضوع «النظام القضائي السعودي». أما الدورة الرابعة (1431هـ - 2010م) فقد عقدت بمقر المؤسسة بمدينة سكاكا وكان عنوانها: «النظام الصحي في المملكة العربية السعودية» ومنح لقب شخصية المنتدى مناصفة بين اثنين من المختصين والفاعلين في القطاع الصحي، وهما: الدكتور عثمان بن عبدالعزيز الربيعة، والأستاذ الدكتور فالح بن زيد الفالح.
وعقد المنتدى الخامس بمركز الملك فهد الثقافي بالرياض في 1433هـ- 2011م، وكان موضوعه: «الإدارة المحلية والتنمية»، وقد شرف المنتدى في دورته تلك بأن يكون شخصية المنتدى هو رجل الإدارة والتنمية بامتياز، صاحب السمو الملكي ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع الأمير سلمان بن عبد العزيز، نظرا لاعتبار سموه أنموذجا يحتذى في الإدارة المحلية والتنمية المتوازنة في تصريفه لتطوير منطقة الرياض بامتياز عبر خمسين عاماً.
أما الدورة السادسة والأخيرة والتي عقدت منذ أيام قلائل بمقر المؤسسة بمنطقة الجوف فكان عنوانها «آثار المملكة: إنقاذ ما يمكن إنقاذه»، وكان شخصية المنتدى سعادة الأستاذ الدكتور عبدالرحمن الطيب الأنصاري عالم الآثار المعروف، نظرا لما قدمه خلال مسيرته الأكاديمية والعلمية والميدانية من إسهامات عديدة ومتميزة في مجال آثار المملكة والعناية بها، فقد أشرف على تأسيس أول قسم للآثار بالجامعات السعودية في جامعة الملك سعود 1978م ورأس فريق التنقيب عن مدينة الفاو لنحو عشرين عاما ونيف، وأشرف على النشر العلمي لنتائج التنقيبات والاكتشافات المهمة فيها، ونشر أكثر من ثلاثين كتابا في مجال الآثار والتاريخ، ونشر عشرات الأبحاث العلمية, وتخرج على يديه كثير من الطلاب الذين أصبح بعضهم يتقلد مناصب عليا في الدولة. وله دور فاعل ومؤثر في العديد من المحافل العربية والدولية في المجالات الآثارية.
ومنتدى الأمير الأمير عبدالرحمن بن أحمد السديري للدراسات السعودية ليس هو المنتدى الوحيد الذي تقيمه المؤسسة، فهناك منتدى منيرة بنت محمد الملحم لخدمة المجتمع المحلي المخصص للنساء، ويقام هذا المنتدى سنوياً في مركز الرحمانية الثقافي في الغاط، وله هيئة منظمة من المهتمات بالشأن الثقافي والاجتماعي في المجتمع المحلي، ومن ضمن فعالياته ندوة تتناول موضوعاً ذا أهمية على مستوى الوطن، يدعى للمشاركة فيها نخبة من المتخصصات في مجال الندوة، كما تشمل فعاليات المنتدى معرضاً لإصدارات المؤسسة من الكتب والدوريات، وأنشطة اجتماعية أخرى، وقد أقيم المنتدى الأول عام 2008م.
رحم الله الأمير عبد الرحمن بن أحمد السديرى، الرجل الذي أوجد هذه المؤسسة الخيرية الكبيرة، الرجل الذي لا جدال في أنه أخلص لبلده فأخلصت له، لأنه من نبت أرضها الطيبة.
ويقوم حالياً على هذه المؤسسة سعادة الدكتور سلمان بن عبد الرحمن السديري الذي هو خير خلف لخير سلف الدكتور زياد بن عبد الرحمن السديري. وقد أدار الدكتور سلمان هذا المنتدى منذ بدايته في الرياض حتى غادر الوفد منطقة الجوف بكل الحب والتقدير, وقد لمسنا فيه صدق المشاعر فكان اللقاء لقاء محبة, ونشكر له إدارته وضيافته ولكل الأخوة في منطقة الجوف.
د. عبد الناصر بن عبد الرحمن الزهراني