يبدو لي أنني في المقالة السابقة وفي غمرة الانفعال أنني لم أشرح للقراء لماذا «دلعت» داؤود الشريان تحببا بـ»داؤودنا» مع أنني أحببت أن يدلع كل سكان الخليج الممثل الظريف داؤود حسين بـ»داؤدان» ولكن «داؤودنا» غير «داؤودهم» مع احترامي «الكث» لكليهما مع الفارق في «الأداءات» والتأثير، وأقول بلغة التداعي الروائي إنني أنبت ولدي لدى تعرضه لداؤود الشريان و»أسفهليت» في الحديث الهاتفي وأقول للولد: أعرف داؤود الشريان منذ أكثر من ثلاثة عقود بالتمام والكمال وبالضبط، حينما كان سكرتيراً للتحرير في مجلة اليمامة إبان كان كل ضيوف اليمامة الإمكان لهم الامكاتب ضيقة لا تحتوي سوى على طاولة المحرر فقط وكان مكتب داؤود يحتوي على ثلاثة مقاعد وكنا نراها مقاعد شاسعة فارهة تتسع لكل المحبين الذين يمارسون النعاس حتى الغفاء التام وما أن ينتهي «أبو محمد» حتى يصرخ فينا هيا انهضوا أيها الصعاليك الأوباش سأعشيكم بأفخر مطعم في الرياض، وبعد ذلك فلتذهبوا إلى الجحيم، ومذ ذلك العهد كان داؤود الشريان «لسناً» أي طويل اللسان وعلى الرغم من أننا «ألسن» منه في الكتابة ولكنه «ألسن» منا جميعاً في الخطابة، وهذه الذخيرة الصوتية هي التي كان يكتنزها (داؤود للأيام السود) التي كانت تتقاذفنا فيها الصحف من عمود إلى عمود، بينما كان داؤود يمتشق إبداعاته المتعددة كمسرحي وفنان مبدع بالكلمة والصوت، ولهذا بقي داؤود متواصلاً مع الأجيال أكثر منا ومن الآخرين، والدليل على ذلك برنامجه الأخير الذي يتحدث كل الناس عنه.