وأنت تجوب القنوات الفضائية العالمية، والموجهة لجمهور (عولمي) باللغة الإنجليزية - تجد كم هو ملفت هذا الحجم من الإعلانات العربية، وتحديداً الخليجية، وأكثر تخصيصاً الإعلانات الإماراتية والقطرية.. وبشكل أقل البحرينية.
حضورٌ إعلاني يُظهر قفزة تسويقية هائلة تحوّل دبي وأبوظبي والدوحة كعلامات تجارية خارج المحيط الجغرافي العربي والإقليمي، الأمر الذي يعكس بشكل فضولي ظاهر حجم النمو الاقتصادي والتنمية في هذه الدول، وإن كان الشرق الأوسط رغم مشاكله السياسية الأزلية والطارئة، يُشكِّل نمواً عالمياً ملفتاً في الأداء الاقتصادي، إلا أن الفضل يعود بشكل خاص للدول الخليجية بالدرجة الأولى.
وهو ما يجعل كثيراً من المعنيين والمراقبين خليجياً يكررون النقد للكثير من الدراسات والإحصائيات العالمية والإقليمية، والتي تقدم نتائجها بتعميم، عبر تكريس المفهوم السياسي للشرق الأوسط التقليدي أو الشرق الأوسط الكبير - الذي يضم شمال أفريقيا، وبالتالي تقديم مؤشرات تنموية واقتصادية عامة، لكنها ظالمة ومضللة لدول الخليج صاحبة الثروات الطبيعية الكبرى مع قدرة كبيرة على زيادة إنتاج النفط، الذي تزداد أهميته لسوق الطاقة العالمي.
فيما تحتوي مكامن روسيا والشرق الأوسط - الخليج أولاً - على ثلاثة أرباع الاحتياط العالمي من الغاز.
والحقيقة أن الإعلانات الترويجية للمدن الخليجية وخدماتها عبر قطاعات مثل الطيران والمناطق والأسواق الحرة والمبادرات تضع الخليج على الخارطة العالمية، كما أنها تقدم صورة زاهية للحضارة العربية والإسلامية بشكل غير مسبوق، بدليل ما تثيره من فضول مجتمعات في الشرق والغرب، عبر تصدُّر اسم مثل “دبي” و”أبوظبي” و”قطر” لمواقع متقدمة على محركات البحث العالمية، والتفاعل عبر الشبكات المختلفة.
تسويقٌ يُلامس المقيمين في هذه المدن من جنسيات متعددة، في المقابل لا بد أن نلحظ - أيضاً أن الإعلانات موجهة أيضاً للشارع العربي عبر قنوات عربية واسعة الانتشار.
ماذا يعني ذلك؟
يعني دخول دول عربية على تجربة دبي المبكرة، في تسويق المدن باعتبارها منتجاً، لسلعة أو خدمة، تهدف لجذب المزيد من المشاريع والمبادرات والناس للمشاركة في البناء والتشغيل والتنمية، لتتحوَّل إلى مدن تُمثّل (العولمة) بشكل مميز وطموح.
والحقيقة أن المدن الرائدة في العالم من نيويورك إلى لندن وباريس وبكين وسيئول، وصلت لهذا المستوى بانفتاحها وجذبها للمبادرات والأفراد المميزين، الراغبين في الإنتاج والابتكار والعمل، وقبولها للآخر - العالمي - وفق ضوابط وقوانين صارمة، وتشريعات واضحة ومشجعة في الوقت ذاته.. خلطة أقل ما تُوصف بأنها من السهل الممتنع!
يبقى أن أشير إلى أن هذا النوع من التسويق للمدن العربية، وحين تشاهد إعلاناً تسويقياً لمدينة مثل أبوظبي أو دبي، ولدولة قطر، أو حتى إعلاناً تجارياً لطيران الإمارات أو الاتحاد أو القطرية وبشكل أقل طيران الخليج، لا بد وأن تشعر معه ببعض القيمة التي تضيفها هذه الإعلانات - ولو بشكل غير مباشر - نحو إعطاء صورة إيجابية ومختلفة عن المدن العربية - الخليجية، أو عن جيلنا بشكل أكثر.