كم أسعدني قول ذلك الصديق العربي عندما أفصح لي عن استلطافه وإعجابه بكلمة سَمِّ والتي ما فتئ يترنم بها من أوتي مسحة من التأدب عند الرد وإجابة من يناديه.
صديقي هذا ومع أنه عاش ردحاً من زمن خارج النطاق العربي لكن تلك الأيام لم تنسه المبادئ والقيم العربية ولم ينسلخ منها كما فعل كثير من أبناء يعرب انبهاراً وتفرنجاً ظناً منهم أنهم يتمرغون في حضارة مثالية لا زائفة. قال لي (وجيه) رد الله غربته: امتعضت من سماع لفظ (سم) بادئ الأمر لكن وبعد أن عرفت فحواه ومعناه فلله در من تداوله وحث على تداوله فلا أعظم من البسملة استفتاحاً لكل عمل كريم. أ.هـ
اقتطفت العنوان من ذلك الحديث العابر إهداء لمن أراد أن يتذكر أو يقارن ببعض ما تلوكه الألسن اليوم من لفظ مسخ في المنطوق والمكتوب مما يصفع الذائقة ويصدم الوجدان مثل (ها) و(وش تبي) و(وش فيك) وقس على ما لا يقاس. أما (لبيه) و(سم) و(سمّي) و(نعم) و(يا خير) و(اسلم) فأوقفوها على العِجز والشّيب...!.
وتبقى حالة التمرد السلوكي على الموروث تتقاذف مسئوليتها جهتان وقطبان رئيسان هما البيت والمدرسة في حين ينحي فيه المجتمع باللائمة على الطرفين لتخلي كل منهما عند دوره ومشاريعه اللازمة في غرس قيم السلوك القويم ومن ذلك السلوك اللفظي فهو مفتاح شخصية الإنسان المهذب فاحترام الآخر ورقة اللفظ ولباقة الحديث ليست سجية فطرية بل هي علم وتدريب ومهارة وهي بوابة الولوج إلى بوابة العلاقات الإنسانية الراقية.
يحسب لوزارة التربية إذ هي خاضت التجربة من خلال مقرر (السلوك والتهذيب) لكن ما يؤخذ عليه عدم الشمول وضعف التعزيز الأمر الذي أوهن خطط المخرجات والمنتج النهائي في هذا الصدد فحيثما يممت يسوءك ما تصادف من تصرفات أشخاص ومن مختلف الأعمار في ما يقع تحت دائرة (سوء التربية) أو ما ينعت مجازاً (قلة أدب) فلا تملك إلا الصمت والانسحاب من المشهد بأقل الخسائر إذ ليس لك من الأمر شيء سوى الحسبلة والحوقلة..!.
صحيح أننا مجتمع ليس بملائكي متنوع الثقافات لكن التأدب ورفيع الخلق سمة وسجية علاوة على ما هي لمسة جمالية وقيمة إنسانية فهي دين وشريعة فمن حظي بها وعمل عليها وعرّفها لمن لا يعرفها قد حظي بحظ وافر وصلح أمره إذ قوم النفس بالأخلاق فاستقام والله المستعان.
asm.0488@gmail.comtwitter: Asm0488