المتابع لما يحدث اليوم في مصر يجد فيه الكثير من الدروس المجانية المفيدة، وهي دروس تكلف البعض الغالي من الأثمان، غير أنها تأتينا بلا تكلفة لأننا نراها ونتابعها يومياً من خلال الوسائل الإعلامية ويأتي في مقدمة هذه الدروس أن الشباب اليوم يعتبرون قوة أساسية في معظم الدول العربية،
فعلى الرغم من وجود الخبراء والمختصين فإن الشباب يمثلون أكثر من 60% من إجمالي السكان في معظم تلك الدول، ووفقاً لتقرير التنمية الإنسانية العربية الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، إن نسبة الشباب ما دون سن الـ(25) عاماً في ارتفاع ملحوظ، وهي «نسبة ليست كافية كي تنطلق بهم عجلة التنمية في المنطقة العربية» وأن هناك تحديات عديدة يواجهها الشباب العربي أشار إليها التقرير منها الفقر والبطالة والتعليم والصحة والزواج وما يتعلق بالحريات وغيرها من القضايا، حيث يحتل العرب أعلى نسبة بطالة في العالم، والمحور الرئيسي للأحداث التي جرت في معظم الدول التي زارها الربيع العربي كان هو الشباب، بل هم الذين كانوا يقودون التظاهرات في كل تلك الدول، لذلك فإن أول الدروس التي يجب أن نحرص ونهتم بها هذا اليوم هم الشباب الذين يجب أن يجدوا أفضل مستوى من التعليم، وبعد ذلك نحرص على أن نبذل كل السبل من أجل توفير فرص عمل كريمة لهم تضمن لهم دخلا شهريا مناسبا يساعدهم على العيش بحياة كريمة، كما يجب أن نعمل على توفير المرافق الصحية المناسبة لهم، وبعد ذلك تأتي البرامج والمرافق الترفيهية التي يمكن أن يتم توفيرها ليقضي الشباب فيها وقت فراغهم بدلاً من استغلالهم في مسارات مشبوهة من قبل البعض.
ومن الدروس المستفادة مما يحدث من حولنا أهمية الإبداع في وسائل الإعلام الحديثة، خصوصاً شبكات التواصل الاجتماعية، فهي اليوم التي تحرك الميادين ومن خلالها يتم التواصل مع الشباب ووسائل الإعلام كل لحظة، وذلك لعرض ما يحدث، غير أن هذه الوسائل استطاعت اليوم أن تحشد زخماً كبيراً لكل توجه أو تيار أو فكر ما، فوسائل الإعلام لم تعد مثل السابق، بل أصبحت وسيلة هامة وحساسة تساهم وبشكل كبير في تغيير كثير من التوجهات والرؤى المختلفة تبعاً لكل اتجاه، فالإعلام اليوم أصبح أخطر سلاح يمكن استخدامه فيما يحدث من حولنا من أحداث ولا يقتصر ذلك على الإعلام المحلي فقط، بل أيضاً التحالفات التي يمكن القيام بها مع وسائل الإعلام الدولية، وكلنا شاهدنا كيف قامت بعض الوسائل الإعلامية بالامتناع عن الصدور وعدم البث تأييداً لبعض التوجهات التي حدثت في مصر، كما ظهرت وسائل أخرى بمهنية متواضعة ووسائل عبرت عن آرائها بعيداً كل البعد عن الحق والإنصاف وغيرها من الممارسات الإعلامية الفجة لكلا الطرفين.
ومن الدروس التي يمكن الاستفادة منها أيضاً الحرص على التريث وعدم الاستعجال والتشاور وعدم التهور فكثير من القرارات التي صدرت في كثير من الأحداث التي حولنا تم التراجع عن بعضها، ومثل هذا التراجع يعد مؤشر ضعف في بعض الأحيان كما يساهم في ضعف الثقة بين أصحاب القرار والجمهور، فاتخاذ القرارات في الظروف الصعبة يجب أن يبعد تماماً عن التهور والاندفاع وأن يخضع لميزان الحكمة والعدل.
ومن الدروس التي من الممكن الاستفادة منها هي أن تبقى على علاقة إيجابية مع الجميع بمن فيهم من تختلف معهم في الرأي وأن تبعد عن الخصومة وعن كسب الأعداء أو قطع الروابط مع الآخرين، فلا أحد يمكنه أن ينجح بمفرده اليوم ولابد من الحرص على كسب الأصدقاء وعدم خسارتهم مهما اختلفت الأهداف، فلا أحد يعلم ماذا يخبئ المستقبل ولا أحد يضمن من حوله ممن يظهرون الود اليوم أن ينقلبوا، فالأيام دول والأفضل أن يبقي الإنسان حبل الود موصولاً مع الجميع.
هذه بعض الدروس التي يمكن التأمل فيها بشأن ما حولنا من أحداث وهناك الكثير والكثير من الدروس التي من المهم أن نستفيد منها وأن نأخذ العبرة والعظة منها.