فقدت الحركة الرياضية بالمملكة - قبل أيام - واحداً من نجوم الكرة العمالقة الذين أثروا الساحة الكروية فناً وخلقاً وسلوكاً في حقبة ماضية, إنه نجم مدرسة الوسطى الدولي- سابقاً - (ناصر السيف) الذي وفاه الأجل عن عمر يناهز إلـ 66 عاماً, إثر نوبة قلبية.. تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته.
* عرفت فقيد (رياضة الوسطى) قبل ما ينيف عن عقد من الزمن, وتحديداً بعد اللقاء التاريخي المطول الذي أجريته معه عبر (الجزيرة).. وتحدث فيه عن مسيرته الكروية وأبرز معطياتها الفنية,كما تناول أشهر الشخصيات الإدارية ورجالات الحركة الرياضية بالمنطقة الوسطى خاصة الفرسان الثلاثة الذين نهضت على أكتافهم رياضة الوسطى وهم الشيخ عبد الرحمن بن سعيد والشيخ محمد عبد الله الصائغ والشيخ عبد الله بن أحمد - رحمهم الله-.ولا غرو من ذلك فقد.- كان - الراحل - كعادته نجماً بارعاً في مضمار حفظ المعلومة التاريخية الموثقة, والإثراء المعرفي المنضبط مشكلاً مصدراً من المصادر الأولية التي عايشت أحداثاً رياضية وتحولات كروية عمرها نصف قرن من الزمن,كان يملك أرشيفاً رياضياً متنقلاً, وذهنية صافية تختزل الكثير من الأحداث الرياضية, وإزاء ذلك أضحى فقيدنا الغالي مرجعاً تاريخياً لكاتب السطور.. كنت أتواصل معه وعبر محطته التاريخية لكي أتزوّد من وقود ثقافته الكروية الواسعة.. استنير برأيه وحسه المهني وحدسه التاريخي فيما يخص بعض الأحداث الرياضية الماضية والمعلومات التاريخية, خاصة تلك التي تثار بشكل يتنافى مع قواعد الضبط التاريخي والمهني والاخلاقي..
* لم يكن النجم الراحل (ناصر السيف) نجماً مبدعاً في الملاعب الترابية فقط في (الزمن الجميل) الذي كان يضم نجوم عمالقة وأسماء رنانة أمثال سعيد غراب وسلطان مناحي وسعد وناصر الجوهر وعبد الرزاق أبو داود وأحمد عيد ونادر العيد وعبد الله يحيى والزياني.. وبقية نجوم الكرة السعودية في تلك الأيام الخوالي, وإنما كان نجماً أيضاً في علاقاته الاجتماعية مع الرياضيين وغير الرياضيين, وفي اتجاهاته الإنسانية ومشاعره الوجدانية الجياشة.. المتمثلة في تواصله مع نجوم الأمس الرياضي ممن تكالبت عليهم الظروف الصحية وداهمتهم الأوضاع المرضية ولازموا سرير المرض.. وأتذكرحين أصيب نجم هلال الثمانينيات الهجرية الكابتن سلطان مناحي - شفاه الله - بجلطة دماغية قبل خمسة أعوام وتكفل صاحب الأيادي البيضاء الأمير الإنسان (فيصل بن سلطان) بعلاجه على نفقته في مدينة سلطان للخدمات الإنسانية قام النجم الراحل بتنسيق الزيارة ومرافقة (الجزيرة) التي تابعت الحالة الصحية لنجم هلال الثمانينات في المدينة الحالمة وكان من ضمن المرافقين المدرب الوطني القدير ناصر الجوهر ومهاجم الشباب السابق الدكتور صالح العميل والحارس الدولي - سابقاً- عبد الله آل الشيخ, وكان «الفقيد» بطل الجولة بتعليقاته الظريفة وقدرته على صناعة الابتسامة في قالبها الفكاهي.. بسلوك يجذب الحاضرين ويلفت أنظارهم فضلاً عن تخفيف معاناة المصابين بروح تواصله وتفاعل مشاعره الجميلة, بل كان صاحب مواقف إنسانية نبيلة وقيم فضيلة.. مع بعض نحوم الماضي الجميل ممن تكالبت عليهم الأوضاع المادية, والأحوال المعيشية الحالكة وأعرف معظمهم بدون ذكر أسمائهم (...)!! بيد أن الفقيد كان ينفق (سراً) وقدّم لهم مساعدات مالية ابتغاء وجه الله عزَّ وجلَّ.. هكذا كان المرحوم بإذن الله (ناصر السيف) بعفويته وتلقائيته وروحه البسيطة وطيبته المتناهية ونبل تفاعله ومشاعره الإنسانية الصادقة التي تنم عن (قلب) كبير يحتوي الجميع بلا حياء أو خجل..! أكسبته تلك الخصال الحميدة.. رصيد كبير في بنك العلاقات الاجتماعية والأوساط الرياضية والإعلامية.
*رحم الله فقيد رياضة الوسطى الإنسان (ناصر السيف) الذي رحل عن هذه الحياة الفانية بهمومها ومتاعبها وأوجاعها وإرهاصاتها.. وترك لنا سيرة نيرة وسمعه طيبة ستظل محفورة في الذاكرة الرياضية بالمملكة.. والعزاء موصول لأسرة وأشقاء وأبناء الراحل تغمده الله بواسع رحمته.
Twitter@kaldous1