بصراحة جاء التصنيف الأخير الذي أصدره الفيفا على موقعه، واحتل من خلاله المنتخب السعودي المركز 126، ليؤكد ما سبق أن حذرنا منه سابقاً حول الأوضاع المتردية التي ما زالت تعيشها الكرة السعودية، والتي شهدت انحداراً غير مسبوق منذ منافسات كأس آسيا 2011، التي أُقيمت بالدوحة، والتي من خلالها غادر الأمير سلطان بن فهد تاركاً خلفه تركة ومشاكل لم يستطع أحد من بعده أن يقضي عليها، بل بالعكس؛ زاد الوضع سوءاً، وأصبحت رياضيتنا متخلفة إلى درجة مخيفة على مختلف الأصعدة، وفي جميع الألعاب حتى أضحت معظم المنتخبات تتمنى ملاقاة المنتخب السعودي؛ لتتزود بالنقاط والعبور من خلاله بسهولة بعدما كانت جميعها تحسب ألف حساب لمنتخبنا، وتتحاشى لقاءه. ورغم معرفة الجميع بأماكن الخلل وضعف من يدير هذه الرياضة، وجهل البعض منهم، إلا أن الأمور لم تتغير؛ حيث واصل هؤلاء في أماكنهم، واستمر عمل اللجان بأسلوبها السلبي وقراراتها المتناقضة، وغابت الشفافية بين الاتحادات والأندية، وكذلك اختلاف معايير القرارات بين الواحد والآخر، ناهيك عن الضبابية والغموض اللذين تعامل بهما الاتحاد السعودي مع الرأي العام الرياضي وإدارة الأمور بطريقة عشوائية وغير واضحة، وإخفاء كثير من الأمور مثل بعض العقود، وكذلك بعض التعاقدات، وأصبحت الأمور تُدار بأمزجة شخصية ومصالح فردية حتى وصلت الأمور إلى ما وصلت إليه، وأصبحنا في مكان لا يليق ولا يقبل على بلد لديه من الإمكانيات البشرية والمادية والمساحة الجغرافية ما يجعله الأبرز على مستوى القارة، إلا أن ذلك لم يكن، وأصبح العكس، وجميع ما سبق ذكره أهم الأسباب التي أوصلت الأمور إلى هذا الحد.
بعد غياب فارسها.. هل تفقد الرياضة شيخها وعميدها؟
إذا كانت الأندية هي الرافد والوجه الحقيقي لرياضة أي بلد فإن أنديتنا وبسياستها وإدارة الأمور بداخلها هي أحد أسباب تراجع المستوى الرياضي لدينا، خاصة كرة القدم؛ حيث تتعامل الأندية بالاحتراف وتطبيقه ولكن بطرق سلبية وغير عملية، واقتصر الاحتراف لديها على الورق ودفع الأموال والمزايدات بطرق غير مدروسة؛ ما انعكس على اللاعب ومستواه وطريقة أدائه. لقد كشف مستوى بعض الفرق هذا الموسم الوضع الحقيقي والقاعدة الضعيفة (البعض منها)، وأكدتها مسابقة كأس ولي العهد؛ فخلال السنوات العشر الأخيرة اختفى فريق نادي النصر من المنافسة في جميع البطولات، وابتعد عن المنصات بسبب بعض السياسات والصراعات التي حدثت؛ وهو ما أخفى جماهيره الوفية، التي ودفعت ثمن تلك المشاكل، واليوم يتكرر المشهد مع ناديين يُعتبران من أهم الأندية على الساحة الرياضية، فإذا ما نظرنا إلى نادي الشباب وما وصلت إليه الأمور من حيث المستوى والمشاكل وتذمر اللاعبين وتخبط المدرب ندرك ما نتج من ذلك من انحدار غير مسبوق في لعبة كرة القدم، ومن يشاهد الفريق اليوم لا يصدق أنه بطل الموسم الماضي. الفريق بلا خط دفاع ولا وسط ولا هجوم رغم استقطاب بعض الأسماء المحلية والأجنبية، إلا أن الأزمات الإدارية وحماقة المدرب عصفت بالفريق، وأصبح صيداً سهلاً لأي فريق يقابله؛ ما جعله يغادر أولى المسابقات، ومهدداً بفقد القادم منها ما لم يكن هناك تدخل سريع بإبعاد المدرب والاستغناء عن بعض اللاعبين الذين أصبحت نظرتهم مادية أكثر من أي وقت مضى؛ ما جعل الكل يتساءل عن ذلك التغير المفاجئ.
وما أشبه الليلة بالبارحة، فها هو عميد الأندية السعودية وأحد رموزها (نادي الاتحاد) يترنح ويدفع ثمن المكابرة واستمرار بعض اللاعبين، الذين حذر أكثر من مدرب من استمرارهم؛ فنادي الاتحاد اليوم أصبح يعيش أوضاعاً سيئة وغير مسبوقة؛ فمنذ الموسم الماضي وهو يغادر جميع المسابقات الخارجية والمحلية، مع تغيير إداري غير مسبوق وتراكمات مالية محلياً وخارجياً، حتى أن بعض اللاعبين أصبحوا يرفضون البقاء والاستمرار مع الفريق، وقد تكون المرة الأولى التي تصل فيها الأمور إلى تراشق بين محبي النادي وأعضائه والاتهام بالرشوة، والكل يبحث عن إسقاط الآخر. وقد انعكست جميع المشاكل على الفريق الأول، الذي يعتبر واجهة النادي الحقيقية، ولكن أصبح يغادر أي مسابقة يخوضها مبكراً. والسؤال: هل تفقد الكرة السعودية شيخ أنديتها وعميدها بعد أن فقدت فارسها من قبل؟ وهل تكون تلك الأندية عامل هدم على الكرة السعودية التي تعيش أسوأ حالاتها على مدى التاريخ الحديث؟
نقاط للتأمل
- لا أعتقد أن تجاوز نادي الرائد فريق الشباب في مسابقة كأس ولي العهد يُعتبر مفاجأة إذا ما أدركنا أن نادي الرائد يُعتبر من الأندية الكبيرة والمميزة على خارطة الكرة السعودية.
- تجاوز نادي الهلال فريق نجران بكل صعوبة ومن دون مستوى، وكاد يغادر المسابقة المحببة إليه. الهلال يدفع ثمن تخبطات مدربه وسياسة التدوير التي انتهجها متناسياً أي انسجام في أي من خطوط الفريق.
- غداً السبت يلتقي فريقا الأهلي والنصر. وتُعتبر هذه المباراة الاختبار الحقيقي لفريق النصر؛ إن هو تجاوز الفريق الأهلاوي، الذي سوف يلعب على أرضه وبين جماهيره فقد يكون قد تحسن، ولكن لا يمكن الجزم بأنه عاد.
- الوحدة يتأهل من بوابة نادي الاتفاق، ولكن أعتقد أن ذلك بطريقة غير شرعية؛ فضربة الجزاء التي احتُسبت أعتقد أنها ظالمة من وجهة نظري.
- من مسؤوليات رئيس الاتحاد الجديد الاستقلالية والوضوح وعدم الانصياع والتعامل مع الجميع بسواسية.
- هبّت بعض الأندية لتغيير محترفيها، مع العلم أن عليها التزامات داخلية وخارجية، فمن المسؤول عن إيقاف هذه التجاوزات التي أصبحت تسيء للبلد وأبنائه.
- يجب التمعُّن في تصريح اللاعب عمر الغامدي بعد لقاء فريقه مع الرائد عندما حمَّل إدارة ناديه خسارة اللقاء والخروج من البطولة.
- لا يوجد أي فريق في الدوري السعودي أو في أي مسابقة أخرى يقدم مستوى ثابتاً وأداء مميزاً سوى نادي الفتح، الذي كسب احترام الجميع.
- بعد حصول المنتخب السعودي على هذا المركز المذل يجب أن يتم مساءلة المسؤولين عن شؤون المنتخبات والرياضة بصفة عامة، وقد طالبت أكثر من مرة أن يكون هناك تدخل من قبل الجهات العليا لتصحيح المسار، الذي أصبح أصعب من الأول.
خاتمة:- قيل لأحد العباد ما هو الصبر الجميل؟! قال أن تُبتلى وقلبك يقول الحمد الله.
ونلتقي عبر جريدة الجميع (الجزيرة)، ولكم محبتي، وعلى الخير دائماً نلتقي.