الرياض - «الجزيرة»:
أكَّد الدكتور مسفر بن علي القحطاني الأستاذ المشارك في أصول الفقه بقسم الدِّراسات الإسلامية والعربية بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن أن الوجود المركزي للإنسان في هذه الحياة يعتمد على دوره الإصلاحي من خلال الغايات التي خلق من أجلها العبادة والعمارة، حيث إن هذه الغاية لا يمكن أن تثمر وجوداً صالحاً إلا بهذا الدور الإصلاحي فيطبق معاني العبودية والعمارة بما لا يكون فيها إفساد، بل يحقق معاني الإصلاح التي هي جزء من الخلافة
وقال: إن الغاية الحقيقة لهذا الوجود هي غاية إصلاحية في مقابلة ومصادمة أي غايات إفساد داخل هذه الأرض، حيث أرسل الأنبياء ليؤكّدوا هذا المعني لأنهم من يقودون البشر ويحملونهم نحو تلك الغايات واختصر ذلك كما جاء على لسان نبي الله شعيب عليه السلام: {إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} (88) سورة هود، حيث إن هذا التوجه والفطرة السليمة يصادمه في الغالب التوجه الآخر الذي يأتي من خلال الرغبة في الاستحواذ والاستبداد والحصول على الخيرات بالطرق الأسهل والأقوى والأعنف والظلم.
جاء ذلك في محاضرة ألقاها الدكتور مسفر القحطاني في (منتدى العُمري الثقافي) بعنوان: (الوعي الإنساني المفهوم والدلالة النهضوية) وقدم لها (راعي المنتدى) الأستاذ الدكتور عبدالعزيز بن إبراهيم العُمري، وتطرق المحاضر لمفهوم الوعي كمصطلح وأبعاده في الفلسفة الغربية والتراث الإسلامي.
وأبان الدكتور القحطاني أن منظومة الإصلاح تتحق في 3 معايير رئيسية (إصلاح التفكير، وإصلاح التعبير، وإصلاح التدبير) وما يرتبط بالشأن العقلي والتوجه الغيبي العقدي لدى الإنسان، وإصلاح الجانب السلوكي الطولي أو العملي الذي لا بد منه لترسيخ قيم حياتية ضرورية لاستقامة الإنسان، والجانب الأخير إصلاح التدبير وهو معاشي حياتي، حيث لا بد أن تنتظم قضايا السياسة والاقتصاد والاجتماع وفق إصلاح معين يجعل الحياة بعمومها وشمولها حياة مستقرة آمنة وهو ما تنادى به معظم مؤسسات وأفراد وتنظيمات حالية تنادي بالتغيير وحمل الناس على التجديد أو التخفيف من واقع مر أو فساد نحو عدالة وحرية وإحقاق الحقوق وغيرها وهي أمور تدعو لها أي نفس إنسانية وتتلمس الطريق والمخرج لها وهي قاعدة موجودة في القرآن الكريم وقد تكون موجهة نحو أولئك والمخرج المناسب هي قوله تعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ} (11) سورة الرعد، أي بداية التغيير الحقيقي تبدأ بالأنفس والقيادة الرشيدة تقود للمفاهيم الصحيحة مبناها وقائدها العقل الرشيد.