بعين ذلك الطائر انطلقت نحو الفضاء من نافذة المجرة، رأيت الحد الفاصل بين فكري وقلبي بعين ذلك الطائر، عرفت الأفق البعيد فقد كانت هناك شوائب معلقة في فكري تسمى مقاييس الخيال وأثقال قابعة على قلبي تسمى موازين الأحلام بعين ذلك الطائر كسرت حاجز المقاييس وتحررت من حمل الأثقال.
أجنحت روحي بجسد ذلك الطائر من نافذة المجرة رأيت أناساً على شاطئ الأمنيات يصنعون لهم قصوراً من رمال. من نافذة المجرة رأيت لوحات بألوانها تقول لبعضها البعض واق وما هو إلا نفاق بفكر الرفاق.. من نافذة المجرة رأيت وادياً كنت أعتقد أن اسمه المنطق ولكن يسكنه أناس من عائلة اللا منطق.. من نافذة المجرة رأيت أناسا يؤمنون بالغد وهم لا يعرفون من أين يشرق الغد من فكرهم أم من قلبهم أم من الشمس التي أمامهم..
من نافذة المجرة رأيت الثقافة في بلادي تتوشح وشاحا مخضرا وإذ به أناس كالطحالب التي تحيا على ركود البحيرات فتسود بالمكان وتتوالد بدورتها الأحادية الثنائية الجرثومية فتهرب كل الطيور المغردة عنها لأن رائحة الثقافة في تلك البلاد أصبحت نتنة ومرتعا للانتهازيين من الكائنات..
من نافذة المجرة رأيت شيخاً عتيق الأيام قد تجعد وجهه بآلاف المقالات ولكن على لا شيء..
من نافذة المجرة رأيت رجلاً متخذاً طريقاً في قلب الصحراء مسلكه وأمامه لوحة مكتوباً عليها الحرية على بعد خمسة عشر كيلو شبر من السراب..
من نافذة المجرة رأيت امرأة ماشية على أجساد البحر معانقة بلسم الحياة لعل الرياح تأتى به..
من نافذة المجرة رأيت رجلا منحدرا من أعماق الستينيات قد رضع من ثديي الأرض بريق عينيه أشبه بشرارة فأس مزارع أيقن أن للغد ثماراً..
من نافذة المجرة رأيت فتاة تمتطي غيمة بيضاء تتأمل في الأفق البعيد فدنوت منها ورأيت على وجهها جميع الأشياء وعندما رأتني طلبت من ربها أن يهبها قوساً من المجرة وسهماً من شهبها حتى تودي بي جريحاً من قوس رمشها ومن سهم لمحها أطاحتني جريحاً بعينها التي تحكي ولا تنطق بجسد ذلك الطائر.
jalal1973@hotmail.comtwitter@jalalAltaleb - فنان تشكيلي