* من أعظم ما يوفق له العبد في الدنيا نقاء النفس وطهارة الصدر وسلامة القلب، وإن سلامة الصدر خصلة من خصال البر عظيمة، وأصبحت اليوم عزيزة المنال، عسيرة الحصول مع ما فيها من الفضائل والخيرات، والقلب السليم هو الذي سلم من الشرك والغل والحقد والحسد والكبر وحب الدنيا، وسلم من كل آفة تبعد عن الله.
* وأكثر الناس اليوم يتعجلون الشقاء لأنفسهم في الدنيا حين تراهم سخروا أوقاتهم وتفرغوا من مصالح أمورهم في الوقيعة في الناس قد انحبس الغل في صدورهم وانحسر الحقد في قلوبهم، فلا يستريحون إلا إذا تلمسوا عيوب الناس وسعوا في إشاعتها، بل تجد بعض الناس من يتورع عن أكل الحرام أو النظر إلى الحرام ويترك قلبه يرتع في مهاوي الحقد والحسد والغل والكراهية للآخرين.
* وإن لسلامة القلب وطهارة الصدر أسباباً وطرقاً من سلكها فقد حقق الخير لنفسه والسلامة لقلبه، من ذلك: إخلاص العمل لله، دل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم (ثلاث لا يغل عليهن صدر مسلم، إخلاص العمل لله، ومناصحة ولاة الأمور، ولزوم جماعة المسلمين فإن دعوتهم تحيط من ورائهم) أخرجه الإمام أحمد (13350) من حديث أنس، والمعنى، أن هذه الخلال الثلاث تستصلح بها القلوب، فمن تمسك بها طهر قلبه من الخيانة والدَّغل والشر، قاله ابن الأثير في النهاية (3-381).
* ومن الأسباب: الإقبال على القرآن الكريم تلاوة وتدبرا وعملا فهو الشفاء لما في الصدور من أمراض الشبهات والشهوات قال جل ذكره: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ } (57) سورة يونس.
* ومن الأسباب: ترك التعلق المطلق بالدنيا فما نشأ حقد القلوب، وقلَّت سلامة الصدور إلا لما تعلقت القلوب بالدنيا وشهواتها وتنافست في أعراضها.
* ومن الأسباب البعد عن سوء الظن بالمسلمين لما في ذلك من إفساد أحوال المجتمع المسلم وتفريق صفه، وقد نهى الشارع الحكيم عن ذلك وحذر منه، فمن أراد أن يطهر قلبه من الأحقاد والأضغان، فعليه أن يحقق هذه الأسباب.والله ولي التوفيق
*وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية