تأسر الإنسان في حياته لحظات من الفرح غير العادي، وإن شئت فقل: تلك التي قد لا تتكرر. وبخاصة حين يطوقه منها وبقوة ما كان يوصف بأنه الأجمل من تلك اللحظات، سيما حين تومض أمام أنظارنا صور لهذا النوع من الفرح الجميل، مشكِّلةً حالة لافتة من حب أصيل وإعجاب لا يُنسى.
***
هكذا هو الإنسان، يتفاعل (عادة) مع من يحب، ويثيره باهتمام كبير كل مستجد أو متغير في نشاطه وحركته أو صحته، وحيثما كان هناك ما يستدعي المتابعة والاهتمام بحياة هذا النوع من الرجال الأفذاذ، ضمن علاقة تتأصل وتتشكل وتتجذر من خلال الإعجاب بشخصية مبهرة أو قامة كبيرة ممن ترتبط في ذهن كل منا إنجازاته وعاطفته وتعامله.
***
وفي علاقة هذا الشعب بعبدالله بن عبد العزيز ينبغي التأكيد أنها لا تستمد سماتها ولا تأخذ منحاها من كونه ملكاً ومن قبل ذلك أميراً فحسب، إذ تشكلت مضامينها وتأصلت صفاتها ونحت هذا المنحى الجميل في بعده الإنساني والعاطفي من خلال هذه الكاريزما التي يتميز بها هذا الملك الإنسان.
***
وأحسبني في غنى عن أن أتحدث لكم عن حالة القلق حين أعلن عن العملية الجراحية لخادم الحرمين الشريفين، ثم القلق أكثر حين قيل إن العملية استغرقت أكثر من إحدى عشرة ساعة، ليزداد القلق أكثر مع تأخر إطلالته على شعبه بعد إجرائها، فيما كان الفرح كبيراً وشاملاً ومثيراً مع أول ظهور له، والفرح أكبر بكثير بعد خروجه من المستشفى سليماً ومعافى.
***
أجل: فإن لحظة الفرح بنجاح العملية الجراحية كانت كبيرة، والإطلالة الأولى على مواطنيه بعد إجراء العملية كانت هي الأكبر، بينما ستظل اللحظة الأجمل والأكبر والأهم هي تلك اللحظة التي أعلن فيها الديوان الملكي عن مغادرته المستشفى متجهاً (بحفظ الله ورعايته) إلى قصره العامر بعد استكمال العلاج والنقاهة إثر إجراء العملية الجراحية الناجحة.
***
وكان شعب المملكة بهذا على موعد مع لحظة من لحظات العمر، فقد تحقق له ما كان يتمناه، حيث تعافى الرجل الكبير الذي أحبَّه وقدَّره ومنحه الولاء والإخلاص ودعا له طويلاً ودائماً بالصحة والعافية وطول العمر.
***
وأمام واحدة من أهم لحظات الفرح في حياة كل مواطن ومواطنة، ممن خصهم الملك عبد الله بشكره وتقديره على متابعتهم لحالته الصحية، لا نملك أمام هذا الطوفان من المشاعر التي تدفقت وطوقت بها هذه الجموع مليكها وحبيبها وما زالت، إلا أن نكبر فيها هذا الموقف النبيل وغير المستغرب منها، ونهنِّئها وأنفسنا بهذه اللحظات التي ستبقى ضمن دائرة أفراحنا، والتي لن تُنسَى ونتمنى أن تدوم.