صدرت قبل فترة توجيهات بمنع دخول الطلاب والطالبات الذين ينتمون إلى ما يسمى “الإيمو والبويات”، لمدارس التَّعليم العام والجامعات، وبحسب بعض المهتمين بهذه الظَّاهِرَة، فإنَّهم يرجعون انتشارها إلى المواقع الإلكترونية التي تروِّج لمثل هذه السلوكيات، والإيمو في مدارسنا وجامعاتنا يقلِّدون جماعة نشأت في الغرب يرتدي اتباعها الملابس القاتمة أو السوداء، وهذه الملابس تحمل أحيانًا كلمات من أغاني الروك المشهورة. كما أن شعر الذكور يكون منسدلاً من الأمام.
ولا يُعدُّ الشَّخص إيمو حقيقيًا فقط، لأنّه يلبس مثل هذه الألبسة، بل من الممكن أن المراهقين يميلون إلى هذه الملابس فقط لشكلها.
في المدارس والجامعات انتشرت مثل هذه الظَّواهر وقد تطرَّقت لها وسائل الإعلام، بحكم أنّها غريبة على مجتمعنا، ولكنَّها في انتشار وليست في انحسار، وهي تُهدِّد استقرار الأسر وتجعل من المراهقين في حالة توهان وعدم قدرة على الاستقرار والانسجام مع الأسرة والمجتمع.
وبجانب الإيمو يوجد (البويات) واللَّواتي يشابهن بأفعالهن وملابسهن الرِّجال، يضاف إلى ذلك الإعجاب الذي يحدث بين الفتيات، وهي وإن لم تشكّل ظاهرة إلا أنهَّا بدت سلوكًا لافتًا للنظر في المدارس والجامعات، وتُعد سلوكًا منحرفًا لم تتم مواجهته بِشَكلٍّ علني حتَّى الآن.
وتشير الدكتورة فتحية القرشي عضو جمعية علوم المجتمع بجامعة الملك سعود إلى أن الانحرافات السلوكية بين الطالبات في المدارس والجامعات أخذت في الانتشار لاستمرار الظروف والمواقف التي أوجدتها أو مهدت لظهورها، حيث تلجأ بعض الفتيات إلى التمرد على قيم الأسرة ولوائح المدرسة بتأثير من الجفاء (العاطفي) وانعدام القدوة الحسنة في البيئة الأسرية والمدرسية، كما يُعدُّ عدد كبير منهن ضحايا الإهمال وضعف تأثير التنشئة الأسرية والتفكك الأسري، وبالرغم من أن التوجيهات التي أشرت إليها التي نصت على عدم السماح لهذه الفئة من الطلاب “الإيمو والبويات” بالعودة لمقاعد الدراسة إلا بعد الاعتدال وتغيير سلوكهم. وأن المدارس والجامعات ما تزال مرتعًا لهم، واشتكى لي أحد الأصدقاء أنه يخاف على ابنته التي تدرس في إحدى الكلِّيات الخاصَّة من (البويات)! لدرجة أن المسؤولة تغلق دورات المياه وتحتفظ بالمفتاح معها، وترافق إحدى المسؤولات مع كل طالبة تطلب الذهاب لدورات المياه! وذلك خوفًا من سلوكيات شاذة (للبويات)!
الجريمة في المجتمع والانحراف هو أمر طبيعي، فالمجتمع كالجسم تعتريه الأمراض، لكن ما العلاج وكيف يتم تنبيه الأسر إلى حماية أبنائها وبناتها وعلاج المصابين بترياق بالحب! لأنّ جهلها بالمسببات سيسهم في مرض أولادها وبناتها بسبب الجفاف العاطفي وإلغاء كلمة (أنا أحبك) من قواميس الأسرة فيما بينها، وهذا الجفاف يجعل من المراهق يبحث عن الحب والاهتمام بأيِّ شكل لدى الآخرين عندما تحرمه الأسرة من احتضان الأم والأب له وملء صدره بالحنان، وإغداق كلمات الحب عليه، لأنَّه متى ما شعر بالدفء العاطفي في بيته وحصل على الاكتفاء الذاتي فلن يبحث عنه عنده الآخرين!
alhoshanei@hotmail.com