برغم ما تستنزفه شركة الكهرباء من أموال لقاء استهلاك الناس للطاقة مع سوء الخدمة وانقطاع التيار الكهربائي في أشد الحاجة له، إلا أنها في كل مناسبة سانحة تولول وتشكو من طغيان الاستهلاك، وتلجأ لوسائل الإعلام وبالذات للصحافة لتوعية الناس للحد من استهلاك الطاقة وترشيد الكهرباء حتى لا تنكشف سوءة معداتها وآلياتها المتهالكة التي لم تتزامن مع التطور التقني وزيادة عدد السكان.
والحق أنني كلما هممت بكتابة مقال عن الكهرباء وترشيد استهلاكه؛ زلزلني الغيظ! فرغم أن الترشيد يعود على المواطن بالفائدة، إلا أنه سيصب حتماً في مصلحة شركة الكهرباء دون استحقاق لها.. فمنشار الشركة يقسم المواطن أشلاء، ابتداء من تكاليف تأسيس العداد بمبلغ هائل، ثم تتبعه رسوم استهلاك شهري دون مبرر، نهاية بنظام الشرائح الجائر دون اعتبار لأحوال الناس الاقتصادية ووقوع مدنهم وقراهم في مناطق حارة جداً تتطلب التكييف المكلف، ولا ينتهي الأمر بذلك، بل يصل للاحتيال في طريقة احتساب الاستهلاك الشهري، حيث تتجاوز الفواتير الثلاثين يوماً بالصيف، وتنقص عنها في الشتاء ليتم الاستفادة بزيادة الاستهلاك في ذروة الصيف ويقفز الاستهلاك للشريحة الثانية والثالثة.
وفي كل لقاء مع مسؤولي وزارة الكهرباء ومديري الشركة المتنفذين يدور حوار الطرشان؛ ففي حين تقف الصحافة بجانب المواطن، تأتي الوزارة وتحتضن قرارات الشركة الجائرة وإجراءاتها القاسية وتؤيدها، بل وتدعو الكتًّاب وحملة القلم بدعم مشروعاتها وبرامجها التوعوية بهدف ترشيد الاستهلاك. ولا ضير في التوعية، فهي واجب وطني بشرط التوازن بين تحقيق مطالب الناس وطموحات الشركة وإيجاد نوع من القبول والموازنة.. ولكن لا زالت الوزارة تحتوي الشركة، ولا يزال الكتّاب يتمسكون بموقفهم الوطني والإنساني.
والمواطنون يقدِّرون تماماً ما تبذله الحكومة في سبيل تحقيق الرفاهية لهم، وتفهمها موقع بلادنا الجغرافي ومناخها الذي يتسم بالحرارة والحاجة للتكييف معظم العام مما يتسبب قطعاً بارتفاع معدل كثافة استهلاك الطاقة في المملكة بشكل كبير، وهم يدركون دعم الدولة لشركة الكهرباء بملايين البراميل من النفط برغم مسؤوليتها تجاه الأجيال القادمة بالمحافظة على النفط والاستخدام الأمثل للطاقة، إلا أن المواطن يتطلع لزيادة مستويات كفاءة طاقة الأجهزة الكهربائية وعلى الخصوص المكيفات وملاءمتها للبيئة بدلاً من الأجهزة الرديئة المتوفرة بالسوق والتي تستهلك الطاقة بطريقة موجعة، ولعل هذا الإجراء يحقق توفيرا للمواطن ووفرا للطاقة.
وإننا لندعو وزارة الكهرباء -دون رجاء- عدم التلويح والتهديد برفع قيمة تعرفة الاستهلاك إذا لم يستجب المواطن لبرامج الترشيد، فالمواطن مثقل بأعباء كثيرة، حيث تشاركه الفاتورة الشهرية قوت يومه! وعليها الاتجاه بذلك للشركات والمصانع الربحية دون المساس بمساكن المواطنين.
ونأمل ألا تكون الانقطاعات المتكررة هذا العام، خصوصاً في الصيف توطئة لقرار، سيكون حتماً غير سديد.
rogaia143@hotmail.comTwitter @rogaia_hwoiriny