حينما تتعثر أو تفشل بعض المشروعات التجارية الصغيرة والمتوسطة لابد لأهلها أن يسعوا إلى محاولات كثيرة لإنعاش هذا الحلم الذي بات يتلاشى.. فمنهم من يحاول أن يلعب لعبته الأخيرة وهي البحث عن مغامر آخر -”زبون”- لهذه التجارة، ليلقيها على عاتقه ساعياً إلى الخروج من طائلة هذا المأزق، أو نتائج هذه المغامرة التي لا يمكن لنا إلا أن نسمها بأنها تجربة حياتية فاشلة.
وغالباً ما يهرع الكثير من هؤلاء الذين تتعثر مشروعاتهم التجارية الصغيرة حينما يعصف فيها الفشل إلى لعب أوراقهم الأخيرة على نحو أن يعلن أحدهم بإدعاء واضح عن “فرصة ذهبية” لبيع مشروعه المتعثر، إلا أنه يضمر حقيقة الفشل والخسران المبين، فيكيل لتجارته المديح وهي الكاسدة بين يديه.
فالفشل هنا أمر وارد، لأن بعض من يقوم بإدارة هذه المشروعات الصغيرة والمتوسطة لا يدرك الأبجديات الأولى للتجارة والتكسب وسبل الارتزاق المشروع، بل تخفى عليهم الكثير من النظم واللوائح، ناهيك أن بعضهم غير مؤهل للعمل التجاري، ويفتقر إلى الفكر الإداري الناجح ولا يلم بمفاهيم تربية المال وإصلاحه من خلال صفتين مهمتين هما: الاستمرار والمواظبة في أداء رسالة العمل التجاري.
فمن الأولى أن يكون هناك اهتمام واضح في تحديد الفكرة الأولى للمشروع التجاري، بل والركون إلى الاستشارات والتعرف على خلاصة التجارب السابقة من أجل إنعاش هذه المشروعات التجارية البسيطة والعمل على تجنيبها أضرار الخسائر، أو المغامرات غير المأمونة في العرف التجاري.
فالإعلان الذي غالباً ما يُضَمَّن “فرصة ذهبية”، أو نادرة، أو لعدم التفرغ، وما إلى ذلك من عبارات لا أساس لها في المعيار التجاري، بل أنها مكررة، وتنم عن توجه سلبي، يظهر فيه الغُبن لمن لا يجيد فكرة التجارة ورعاية المال.
فحينما تتعثر هذه المشروعات التجارية الصغيرة فمن الأسلم ألا تكون طرق الحلول من قبيل مزيد من الاقتراض المالي حتى وإن كان محدوداً، فتراكم الديون على المنشأة أو النشاط التجاري لا يمكن له أن يخلصها من مأزق الضائقة المالية.. وربما يأتي التنويع في النشاط التجاري مناسباً على نحو طرق سبل مختلفة غير ما بات يعرف بنمطية تجارة التموين الغذائي “البقالات” أو محلات الخضار والفاكهة، فهناك الكثير من الأنشطة التي يمكن للفرد أو الأسرة أن تخوض التجربة فيها على نحو الصناعة الخفيفة، وإعداد الأطعمة، وحياكة الملبوسات، والمشغولات الفنية، إذ تعد هذه الأنشطة فرصة مناسبة لتحقيق ربحية معقولة دون وجود خسائر واضحة.
فتكرار تجربة البقالات أو التموينات ومحلات الخضار والفاكهة لا شك أنها لم تحقق لهم أي مردود واضح ومفيد، ولم يشفع لهؤلاء المغامرين البسطاء الذين وقعوا في فخاخ هذه الظاهرة السلبية وكأن التجارة انحصرت للأسف بتقبيل “تموينات”، أو محل خضار بما فيها من ديون ومغامرة تجارية غير مأمونة.
كما يجدر الانتباه والحذر ممن يتصيدون الناس من أجل الإيقاع بهم من قبيل الإعلان عن “فرصة ذهبية” بيع محل بقالة، أو مشروع تجاري متعثر، ومحمل بالديون والقروض أو حتى الرهن.. كما أن القصص والأمثلة مرة وأليمة وكثيرة ويطول حصرها والحديث عنها.
hrbda2000@hotmail.com