إذا كانت التقنية قد أفادت في سرعة إيصال المعلومات للباحث عنها في ثوان معدودة فقد كشفت عن الجهل لدى الكثير في الأمور التي ينبغي معرفتها، وخاصة فيما يتعلق بالموضوعات الأساسية والخاصة بانتماء الإنسان لدينه ووطنه ومجتمعه، وكثيراً ما ترد معلومات غير صحيحة، ويجزم البعض بصحتها.
ولعلي أسوق على ذلك مثالاً عن ما يرد من صور عن القدس والأقصى وقبة الصخرة والخلط بين المسجد والقبة وهي صورة، وليست أرقاماً وتواريخ ومعلومات، ولا يزال الجهل بالتفريق بين المسجد والقبة يرد بين حين وآخر، ويتناقل البعض المعلومة الخاطئة وتترسخ في أذهانهم، ومن المصيبة أن يجهل المسلمون حتى صورة المسجد الأقصى، ولا يعرفون عن تاريخ القدس ومكانة المسجد الذي أسري إليه رسول الأمة عليه أفضل الصلاة والسلام وأول قبلة للمسلمين، وهذا التقصير بالتأكيد منشؤه التعليم والإعلام في كل بلاد المسلمين بلا استثناء؛ لعدم تقديم المعلومات الوافية عن المسجد الأقصى وعن القدس.
لقد اختيرت القدس عاصمة للثقافة الإسلامية في العام 2009م وانتهى العام، وتلته أعوام عدة، ولا يزال أبناء المسلمين يجهلون الكثير والكثير عن هذا المكان الطاهر المسلوب المغتصب من اليهود، فجهل بالمكانة الدينية وجهل بالتاريخ وجهل بالجغرافيا وجهل بواقع الحال، فلا العقود الماضية على الاحتلال وما تعانيه القدس وشقيقاتها كان سبباً في التعرف على القدس، ولم يتم تقديم برامج ثقافية وإعلامية وتعليمية في وسائل الإعلام بدول العالم الإسلامي بدرجة تساعد على محو هذا الجهل ولو بقدر يسير، فلا أحد يعلم عن قضية القدس والمسجد الأقصى المبارك.
يجهل الكثير صغاراً وكباراً نساء ورجالاً حقيقة القدس، وجميل أنهم لا يزالون يعرفون أنها مغتصبة ومحتلة، أما المعلومات الأخرى فبالتأكيد مخجلة ومبكية على الرغم من ارتباطها بتاريخ العرب قبل الإسلام لقرون طويلة، ثم جاء الإسلام ليؤكد هذه الرابطة فجعلها رابطة عقيدة لا تنفصل.
يجهل الكثير كما أشرت إنشاء هذه المدينة، وأنها عربية الأصول أنشأها العرب البوسيون قبل خمسة آلاف عام، وعاش فيها الكنعانيون كما يجهل المسلمون قبل غيرهم المثال الواقعي الحي على تسامح المسلمين، وما فعل المسلمون منذ العهدة العمرية، مروراً بالتاريخ الإسلامي الناصع الذي حفظ حقوق غير المسلمين، وعاشوا بسلام وأمان مع المسلمين، فلم تنتهك حقوقهم لا من أفراد، ولا من ولاة، ولا أدل على ذلك من أن الكنائس والمعابد بقيت على حالها لم تمس بسوء، وبقيت مصونة محفوظة لم تهدم، ولم تمس بأذى، ولم تنتهك كما انتهكت بيوت الله في هذا الزمان من اليهود الغاصبين.
وأتمنى أن تبادر منظمة التعاون الإسلامي (منظمة المؤتمر الإسلامي سابقاً) ممثلة في أمينها العام البروفسور/ أكمل إحسان الدين أوغلوا إلى اتخاذ قرار، وتبني مشروع يتضمن التزام من خلال مؤتمراتها المتعددة لوزراء الخارجية، ووزراء الثقافة والإعلام، ووزارات التربية والتعليم في الدول الإسلامية بتضمين المناهج الدراسية معلومات وافية عن القدس والمسجد الأقصى تكون ضمن مناهج الثقافة الإسلامية والتاريخ والجغرافيا والأدب، حتى لا يأتي زمن ننسى فيه المسجد الأقصى المسلوب، وتلتزم به - أيضاً - وزارات الإعلام في الدول الإسلامية بتقديم برامج متنوعة عن القدس وعن المسجد الأقصى.
وإذا ما تم الالتزام من قبل الوزارات المعنية بعد تتبنى المنظمة لمشروع التعريف فإننا على ثقة بأن صوتنا سيصل للعالم أجمع، وإذا كنا نجهل التاريخ والمعلومات الوافية عن حق المسلمين المسلوب فمن باب أولى أن يجهل غيرنا ذلك، إذا كنا - نحن المسلمين أصحاب الشأن - نجهل تاريخ قضيتنا والمعلومات المطلوبة عنه.
alomari1420@yahoo.com