(1)
قرون آتية
العجوز التي زارته في المنام كانت مواربة الملامح..سقيمة العود.
سبعة قرون عجاف قادمة..
سبعة قرون من عصر العناكب وهي تبني بيوتها فوق عيون المدائن..
سبعة قرون من الجوع حتى تهرب المقابر من موتاها..
سبعة قرون من العطش حتى يفر دجلة والفرات من بين أيديكم..
سبعة قرون لا تعرفون أهو ليل كان أم نهار..
الهلع قادني نحو استيقاظ ملح..
نظرت في ساعتي وهالني اختفاء أميالها..
فتحت الباب الخارجي وكدت أتقدم خطوة قبل أن أدرك أن لا أرض تحتي..
أدركت أنني قد أخطأت حين استيقاظي وحيدا قبل انقضاء القرون السبعة.
(2)
أمام عينيها
نفرت تحت شبكة من أضواء السماء..امتدت الأيادي..
حلمتاها كجبلين..و سرتها كقمر بعيد..و رجلاها يضربان في الأرض ويمتدان صوب زرقة لا أبواب لها.
تسمرت العيون عند مفاتنها..و تأوهت الأنامل..
كان المتسلقون صوبها يسقطون في هوة إبائها عن امتطاء لياليهم المدثرة بالصقيع..و المتقاعسون يصغرون والشاتمون تتناثر فوق رؤوسهم أحجارا رجموها بها..
عند قدميها تبعثرت لوحات وأشعار..و بدت القصور كأسراب نمل أمام عينيها الساحرتين.
طفل صغير بين الحشود تلقف دمعتها.. لمس بيداءها..نسيج من الوحشة والبرد والظلام..طفل صغير فقط بات بين نهديها يثمل بنشوى الطفولة.
(3)
حكايا
مرت بي على عجل..عانق الضباب ملامحها ثم التحفت بسواد ما تبقى من حلكة الليل.
الضفاف تندى بخجل وأنا أرمي بحجر نحو دوائر لا أراها على صفحة مياه الغراف.
أتحدت مع الظلام وابتلعت كل نسيجه الذي أحاطني.
في غرفة منزوية أكلت الرطوبة جدرانها سقط قلمي في حجري، ارتاعت الكلمات واستقرت يدي على أول حرف..تذكرت ما علق في ذاكرتي من وجهها وأخذت أكتب الحكايا.
كانت ألف ليلة وليلة تدونني ولا أدونها إلا بريبة وخوف في سجن على أرض وطني.
Majidah Gahdban Almishlab