أظن أن ليس هناك مشكلة في أن يتخذ القاضي قراراً بإخراج حضور محاكمة المتهمين بقضايا أمن الدولة، بحجة أنهم (أي الحضور) صفقوا أو هتفوا، المشكلة أن يتخذ قراراً بإيقافها علنياً، وذلك لأن قرار الدولة بمحاكمة هؤلاء المتهمين بوجود محاميي الدفاع عنهم وأقاربهم والمهتمين بالشأن الحقوقي وممثلي وسائل الإعلام، هو واحد من أهم القرارات التي تم اتخاذها مؤخراً.
لا أريد أن ألوم من يصفق أو يهتف، أو يحاول أن يمارس أي شكل من أشكال التعبير أثناء هذه المحاكمة أو غيرها، لكنني أخشى أن يتخذ القضاة هذا النوع من التأييد أو الاحتجاج من قبل الحضور، ذريعة لإغلاق الأبواب أثناء هذه المحاكمات. قد تكون هذه الرؤية متحفظة، لا بأس. هذا التحفظ ليس جديداً علينا، فنحن نمارسه طيلة حياتنا، لكي نمرر قرارات جديدة أو أشكالاً غير معتادة من أشكال التعاطي مع المؤسسات الحكومية أو الاجتماعية.
لقد اتسعت دائرة الحقوق اليوم، ولم يعد بالإمكان إلغاء المطالبات المستمرة بعلنية المحاكمات، وبوجود ممثلي الدفاع والحضور المعنيين. وطالما أن المطالب تحققت، فمن المفروض أن نحرص كل الحرص على أن يستمر تطبيق ما تحقق، وألا نتيح الفرصة لممارسة قد لا تضيف شيئاً يُذكر، بأن تعيدنا إلى الوراء.
إن المراقب للمشهد القضائي يشعر بالفرح لأن العناصر غدت متوفرة، وهذا مهم جداً. المهم أكثر ألاّ يخل أي عنصر بدوره.