كلمني رجل لا أعرفه قائلا لي: إنني احمل هدايا إليك من حمد القاضي، ضربت موعدا مع الرجل واستلمت الهدايا، وحينما فتحتها في البيت وجدت أنها تحتوي على قارورة عسل مصفى وأصلي، أقول أصلي؛ لأن أغلب باعة العسل هداهم الله يغشون في هذا (الغذاء الدواء) الذي فيه كل الفوائد الغذائية لبني الإنسان، أما الهدية الثانية فكانت عبارة عن تمر فاخر من نخيل بلاده القصيم أو نخيل أهله الكرام، ولكي يؤكد أبو بدر (قصيميته) الصميمة والأصيلة والنبيلة أيضا فقد أرسل لي علبة من (الكليجا) وبالطبع سررت بهذه الهدايا المعبرة عن طيب قلب أبي بدر، تلك الطيبة التي يعرفها كل من له علاقة به، بل حتى لو كانت تلك العلاقة عابرة فأنا أحببت حمد القاضي من القلب في أول لقاء بيننا يعود إلى أكثر من ثلاثة عقود من الزمن الجميل؛ إذ تعرفت عليه في مكتب الأستاذ احمد الجارالله في جريدة السياسة الكويتية، وقد أسرني حمد بدماثة خلقه ولطفه وابتسامته الدائمة التي لا تفارق محياه البهي حتى مع أعدائه، كما عرفته لاحقا وتشرفت بمعرفته.
وكان حمد حينها يعد برنامجا ثقافيا عن الثقافة العربية في الخليج، وقد كان برنامجا رائعا، بل من أكثر البرامج التلفزيونية تميزا، وكان الداعم الحقيقي لهذا البرنامج وزيرنا المحبوب عبد العزيز خوجه، والذي كان أحد المسئولين الكبار في وزارة الإعلام السعودية، ثم تولى حمد القاضي رئاسة تحرير المجلة الثقافية المميزة (العربية) وكانت إحدى نوافذ العرب الثقافية إلى يومنا الحاضر, تذكرت كل ذلك حينما استلمت هدايا أبي بدر، والتي حملتها معي إلى الصحراء القصية قائلا لأهلي لست بحاجة بعد هذا لأي غذاء أو دواء؛ فهذه قوت المسافر في الصحراء.
يبقى القول إن العسل يدل على حلاوة لسان حمد وقلبه؛ أما التمر فهو الأصالة العربية، وأما (الكليجا) فهي تعبير عن كرم أهل القصيم.